قوله تعالى: {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون 82 ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون 83 حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أماذا كنتم تعملون 84 ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون 85 ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون 86}
  سليمان، فتخطم الكافر بعصا موسى، فيظهر في وجهه نكتة سوداء، لا تزال تزيد حتى يسود وجهه، وتختم وجه المؤمن بخاتم سليمان، فيظهر بين عينيه نكتة بيضاء، فتتسع حتى يبيض وجهه، فيعرف يومئذ المؤمن من الكافر، وقيل في صفتها: إنها تشبه الدواب، لها زَغَبٌ وريش وأربع قوائم. وقيل: رأسها رأس ثور، وأذنها أذن فيل، وصدوها صدر أسد، وقرنها قَرْنُ أيْلٍ، وقوائمها قوائم البعير. وقيل: وجهها كوجه الإنسان، وخلقها كالطير، عن وهب. وقيل: صورتها صورة الحمار، عن كعب. «تُكَلِّمُهُمْ» قيل: تكلمهم بما يَسُوؤُهم أنهم يصيرون إلى النار بلسان يفهمونه، وقيل: تكلمهم ب «أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ» وهو الظاهر، وقيل: لا يؤمنون بكلامها وخروجها «وَيَوْمَ نَحْشُرُ» أي: نجمع «مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ» من أهل عصر، عن أبي مسلم. وقيل: من كل أمة من أمم الأنبياء، عن أبي علي. «فَوجًا» جماعة إلى موضع الحساب يوم القيامة، قيل: هم الرؤساء والقادة، وقيل: المختص بهذا الوصف «مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ» قيل: نحشر أولهم على آخرهم فيجتمعون ثم يساقون إلى النار، وقيل: يُطْرَدُون فيساقون إلى النار، عن أبي مسلم. وقيل: يدفعون، عن ابن عباس. «حَتَّى إِذَا جَاءُوا» يوم القيامة المحشر «قَالَ» الله تعالى لهم «أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي» أي: جحدتم حججي، وقيل: أكذبتم بالساعة، وقيل: بالقرآن، وقيل: بسائر الأدلة والمعجزات «وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا» أي: لم تعلموا بطلانها، يعني بالجهل جحدتموها، وقيل: لم تعرفوها حق معرفتها، وقيل: يقال هذا توبيخًا لهم وتبكيتًا، أي: لِمَ كذبتم وجهلتم؟
  «أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» يعني: أنه تعالى أنعم عليكم لتعبدوه، فأفنيتم أيامكم في غير شيء، فكيف تعملون اليوم بأنفسكم؟ وهذا أيضًا توبيخ، وقيل: معناه: أكذبتم بآياتي أم أي شيء كنتم تعملون في الدنيا؟! عن أبي مسلم. «وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ» أي: وجب الوعيد والعذاب. وقيل: وجبت اللائمة «بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ» قيل: بعذر وحجة، وقيل: بجواب يعتمد، وقيل: لأن أفواههم مختومة.
  ثم بَيَّنَ تعالى قدرته على الإعادة، فقال سبحانه: «أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ» عن التعب والحركات فيستريحوا «وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا» أي: مضيئًا يبصر فيه «إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» يصدقون ويتفكرون، وخصهم بالذكر؛ لأنهم ينتفعون بها.