قوله تعالى: {إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم 173}
  · الإعراب: نصب (الميتة) وما بعدها على ظاهر القراءة؛ لأنه مفعول، و (ما) كافة تمنع (إنّ) من العمل، ويجوز الرفع في العربية على أن (ما) بمعنى (الذي).
  ويقال: لماذا صار «إنما» إثباتًا للشيء ونفيًا لما سواه؟
  قلنا: لأنها لما كانت للتوكيد، ثم ضم إليها (ما) للتوكيد أيضًا وكّدت هي من جهة تحقيق الشيء، وأكدت (ما) من جهة نفي ما عداه.
  · المعنى: لما ذكر تعالى إباحة الطيبات بين المحظورات، فقال تعالى: «إِنَّمَا حَرَّمَ» قيل:
  معناه ما حرم عليكم إلا الميتة، عن الزجاج. وقيل: إنه تأكيد فقط «عَلَيكُمُ الْميتَةَ» وهو ما يموت من الحيوانات «وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ» وخص اللحم؛ لأنه المعظَّم والمقصود، وإلا فجملته محرمة «وَمَا أُهِلَّ به لِغَيرِ اللَّه» قيل: ذكر عليه غير اسم اللَّه، عن الربيع وابن زيد وجماعة. وقيل: ما ذبح لغير اللَّه، عن قتادة ومجاهد. «فَمَنِ اضْطُرَّ» قيل: ضرورة مجاعة عند الأكثر، وقيل: ضرورة إكراه، عن مجاهد. والأول: الوجه، وتقديره: فمن خاف على النفس من الجوع، ولا يجد مأكولاً يسد به الرمق فيكون مضطرًّا، وكما حرم تعالى هذه الأشياء مطلقًا استثنى حالة الاضطرار إزالةً للتوهم أنه لا يحل مع الضرورة.
  ومتى قيل: هل يثبت تكليف علمه في أكله؟
  قلنا: المضطر على وجهين: إن كان يشتهي الميتة فهو ملجأ إلى تناوله، وإن كان طبعه نافرا عنها يجب عليه تناولها حتى لو لم يتناول يأثم «غَيرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ» فيه ثلاثة أقوال:
  قيل: غير باغ اللذة أي طالب لها، ولا عاد متجاوز سد الجوعة، عن الحسن وقتادة والربيع ومجاهد وابن زيد.