قوله تعالى: {ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين 14 ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين 15 قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم 16 قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين 17 فأصبح في المدينة خائفا يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسى إنك لغوي مبين 18 فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال ياموسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين 19 وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال ياموسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين 20}
  أونس منه الرشد، وبلغ كمال قوته في البدن والعقل. وقيل: الأشُدُّ: ما بين ثماني عشرة إلى ثمانين سنة، عن الكلبي. وقيل: الأشد: ثلاث وستون سنة، واستواؤه أربعون سنة، عن ابن عباس، وقتادة. «وَاسْتَوَى» بلغ نهاية العقل وتهذب وصلح، وقيل: استوى: بلغ تمام الخلق واعتدال الجسم، وقيل: يكون هذا في اثنتين وعشرين سنة إلى أن يجاوز أربعين سنة. «آتَينَاهُ» أعطيناه «حُكْمًا وَعِلْمًا» قيل: النبوة والعلم، وقيل: فَهْمًا وعقلاً، وقيل: هو علوم الشرع. «وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ» يعني: بعثناه لأنه كان بصفة تصلح للبعثة، لا أن البعث جزاء على العمل «وَدَخَلَ» موسى «الْمَدِينَةَ» قيل: مصر، وقيل. أرضٍ مصر، عن السدي. وقيل: على فرسخين من مصر، عن مقاتل. والأول أوجه. «عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا» قيل: وقت القائلة، وقيل: يوم عيد لهم قد اشتغلوا بلعبهم، عن الحسن. وقيل: بين المغرب والعشاء، عن محمد بن كعب. وقيل: غفلوا عن ذكره لِبُعْدِ عهدهم به، وكان أمر بإخراجه من المدينة، عن ابن زيد. واختلفوا في سبب دخول المدينة في هذا الوقت، قيل: كان خرج من مصر مع فرعون، فلما كان وقت القائلة دخل المدينة ليقيل، عن السدي. وقيل: كان بنو إسرائيل يجتمعون إلى موسى ويسمعون منه، فلما اشتد وعرف الحق خالف قوم فرعون، وأنكر ما كانوا فيه، فذكر ذلك منه وأخافوه، فكان لا يدخل قرية إلا خائفًا، فدخلها على حين غفلة، عن ابن إسحاق. وقيل: كان فرعون أمر بإخراجه من بلده، فبعد عهد موسى، فلم يدخل إلا بعد أن بلغ أشده وذلك حين دعي بالجمرة والتمرة واختبره، وترك قتله وأمر بإخراجه، عن ابن زيد. «فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَينِ يَقْتَتِلاَنِ» قيل: كانت خصومتهما في الدين، عن أبي علي. وقيل: كان في أمر الدنيا، وقيل: كان يتخذ سخرة في عمل فرعون «هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ» قبطي، عن مجاهد. وقيل: هذا مسلم والآخر كافر، عن ابن إسحاق. وقيل: كانا كافرين ولم يكن أبيح قتل الكفار حينئذ فلهذا تاب، والصحيح أن الإسرائيلي كان مؤمنًا؛ لذلك استغاث بموسى، ولذلك عده من شيعته أي: أتباعه «فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ» يعني: الإسرائيلي استغاث بموسى على القبطي، استغاث به؛ لأنه علم منزلته من بني إسرائيل، ولم يعلم الناس إلا من قبل الرضاعة، فقال موسى للقبطي: خَلِّ