التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قالت إحداهما ياأبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين 26 قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين 27 قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل 28 فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون 29 فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن ياموسى إني أنا الله رب العالمين 30}

صفحة 5491 - الجزء 8

  العصا، قيل: كان آدم أخرجها من الجنة، فأخذها جبريل، ثم دفعها إلى موسى، عن عكرمة. وقيل: لم يزل الأنبياء يتوارثونها حتى وصلت إلى شعيب فأعطاها موسى. وقيل: استودعها ملك في صورة رجل، فأمر بنته أن تخرج عصا، فدخلت الجارية وأخذت العصا فأتته بها، فلما رآها الشيخ قال: لا، ائتي بغيرها، فألقتها وأرادت أخذ غيرها فلا تقع في يدها إلا هذه، فعلت ذلك مرارًا، فأعطاها موسى. وقيل: اختصم موسى والشيخ في العصا، فلقيهما ملك وقال: ضعاها على الأرض فمن رفعها كانت له، فلم يمكن الشيخ رفعها فرفعها موسى، عن السدي. قيل: كانت عنده ثلاث عشرة عصا، وإن موسى دخل ورفع ذلك، فأخبرت البنت أباها فسرّ به وقال: إن له مع هذه العصا لشأنًا، وإن زوجك نبي. والأجل: المدة «فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ» قيل: قضى أتم الأجلين وأبعدهما، عن ابن عباس، ذكره مرفوعًا، «وَسَارَ بِأَهْلِهِ» قيل: مكث بعد إيفاء الأجل عند صهره عشرًا أخرى فأقام عنده عشرين سنة، واستأذنه في العود إلى مصر ليزور والديه وأخاه، فأذن له، فسار بأهله. وقيل: لما قضى العشر سار بأهله، عن أبي علي. وقيل: سار بأهله: عياله وماله وكان في أيام الشتاء، فأخذ على غير الطريق مخافة ملوك الشام، وامرأته في شهرها، فسار في البرية غير عارف بالطريق، وألجأه المسير إلى جانب الطور الأيمن في ليلة مظلمة شديدة البرد، وأخذ امرأته الطلق، وضل عن الطريق، وتفرقت ماشيته، وأصابه المطر والبرد، فبقي لا يدري أين يتوجه وإيش يعمل، فبينما هو كذلك إذ رأى نارًا، فقال سبحانه: «آنَسَ» أي: رأى وأبصر «مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا» قيل: كانت معه امرأته فقط؛ لكن خاطبها بخطاب الجماعة تفخيمًا لشأنها، وقيل: يجوز أن يكون معها غيرها «امْكُثُوا» هاهنا فـ «إِنِّي [آنَسْتُ]» رأيت «نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ» من الطريق أو أجد من يدل عليه «أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ» قيل: شعلة من النار، عن قتادة. وقيل: قطعة، وقيل: الجذوة: العود الذي قد احترق بعضه، عن قتادة، ومقاتل. «لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ» أي: تستدفئون بالنار فيذهب البرد الذي أصابكم «فَلَمَّا أَتَاهَا» يعني: موسى النار، أي: قرب منها «نُودِي» موسى «مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ» قيل: من طرف الوادي «الأيمَنِ» قيل: