قوله تعالى: {ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين 47 فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون 48 قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين 49 فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين 50}
  وتدل على أن البعثة رحمة منه تعالي لعباده من حيث كانت لطفًا لهم.
  ومتى قيل: فقبل البعثة وجب أن يكون مانعًا للطف، وعندكم منع اللطف يقبح، ويجري مجرى منع للتمكين؟
  فجوابنا: أن علماءنا اختلفوا في الجواب عنه، فقيل: يجوز أن يكون بعث إلى مَنْ عندهم، كما روي أن [الطير الأبابيل] كانت معجزة لخالد بن سنان العبسي.
  وقيل: حجة الأنبياء كانت قائمة فيهم، وذلك لطف لهم بعد البعثة.
  وقيل: يجوز أن يكونوا كلفوا ما في عقولهم، وكذلك قبل زمان الفترة.
  ويدل قوله: {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} أنه أراد من الجميع أن يتفكروا.
  وتدل أن الإنذار والدعاء لطف في القبول، فيبطل قولهم في الإرادة وخلق الأفعال والاستطاعة؛ إذ لو كان الأمر على ما زعموا لم يكن للدعاء والإنذار تأثير؛ لأن عندهم الأمر موقوف على خلقه، والقدرة الموجبة، والإرادة الموجبة.
قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ٤٧ فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ٤٨ قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ٤٩ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ٥٠}
  · القراءة: قرأ عاصم وحمزة والكسائي: «سِحْرَانِ» بغير ألف، وهي قراءة ابن مسعود وعكرمة، والمعنى إتيانه من الكتاب وهو التوراة والقرآن، يبين ذلك قوله: {قُلْ فَأْتُوا