التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين 47 فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون 48 قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين 49 فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين 50}

صفحة 5507 - الجزء 8

  الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا» قيل: محمد والقرآن والإسلام مِنْ «عِنْدِنَا» أي: بأمرنا ووحينا «قَالُوا» قيل: كفار. مكة، وقيل: من بقي من بني إسرائيل إلى نبوة محمد ÷، عن أبي علي. وقيل: في الآية تقديم وتأخير تقديره: لولا أن يقولوا: هلا أرسلت إلينا رسولاً فنكون من المؤمنين لكان العذاب يحل بهم، وتصيبهم مصيبة بما قدمت يديهم، وقيل: إذا صح الكلام من غير تقديم وتأخير كان أولى «لَوْلاَ أُوتِيَ» أي: هلا أعطي محمد «مِثْلَ مَا أُوتِيَ» أعطي «مُوسَى» قيل: كتابًا جملة واحدة، وقيل: من المعجزات كالعصا واليد ونحوه، عن أبي مسلم. فقال تعالى: «أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ» يعني: قوم موسى، فأجاب بجواب مقنع، وهو أن المعجز لا يوجب الإيمان، وإنما يؤمن عنده من يتفكر فيه؛ ألا ترى كيف كفر قوم موسى مع تلك المعجزات والكتاب «قَالُوا» قيل: كفار مكة، وقيل: الَّذِينَ كفروا في زمن موسى «سَاحِرَانِ» من قرأ بغير ألف فمعناه قيل: التوراة والقرآن، عن ابن عباس. وقيل: التوراة والإنجيل، عن عكرمة. فأما من قرأ بالألف فمعناه قيل: موسى ومحمد @، عن ابن عباس. وقيل: موسى وهارون، عن مجاهد. و «إِنَّا بكُلٍّ كَافِرُونَ» قيل: كفار مكة قالوا ذلك، وقيل: مشركو العرب كفروا بالتوراة والقرآن، عن الحسن. وقيل: هم الذي كانوا في زمن موسى قالوا: كفرنا بكل ما أتيتنا به، عن أبي علي. «قُلْ» يا محمد: «فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا» كتاب موسى ومحمد @، عن ابن زيد. وقيل: من موسى ومحمد $ {أَتَّبِعْهُ} أي: أتبع ذلك «إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ» في مقالتكم «فَإِن لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ» أي: لم يجيبوا في دعائك ولا يأتوا بحجة هي أوضح من حجتك «فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ» يعني: فاعلم أنهم لا يتبعون الحجة، وإنما يتبعون الهوى والإلف وتقليد السلف «وَمَنْ أَضَلُّ» أي: أشد ضلالاً «مِمَّنِ اتَّبَعَ» الهوى في دينه وترك الحجة {بِغَيرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} أي: من غير بيان وهداية من الله وطريق من جهته «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقوْمَ الظَّالِمِينَ» قيل: لا يهديهم إلى الجنة والثواب، عن أبي علي. وقيل: إذا لم يهتدوا بهداه فكأنه لم يهدهم، وقيل: لا يدعو إلى الظلم، ولا يشرع طريق الظلم سوى الظالمين، والظلم: الكفر، عن أبي مسلم.