قوله تعالى: {ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون 51 الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون 52 وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين 53 أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون 54 وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين 55}
  {السَّيِّئَةَ} نصب؛ لأنه مفعول، وتقديره: يدفعون بالحسنة السيئة.
  · النزول: قيل: نزل قوله: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ} في الَّذِينَ أسلموا، عن مجاهد.
  وقيل: هم قوم من أهل اليمن جاؤوا مسلمين، عن ابن عباس.
  وقيل: هم قوم جاؤوا من الحبشة من عند النجاشي مسلمين.
  وقيل: ورد قوم من المسلمين مكة، فسبهم أبو جهل وأصحابه، فنزل: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ} الآية.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ صفة القرآن الذي تقدم ذكره، فقال سبحانه: «وَلَقَدْ وَصَّلْنَا» قيل: بَيَّنَّا، عن ابن عباس. وقيل: فَصَّلْنا، عن مجاهد. وقيل: وصلنا به خير الدنيا بخير الآخرة حتى كأنهم عاينوا الآخرة في الدنيا، عن ابن زيد. وقيل: فصلنا الأمر والنهي والوعد والوعيد والمواعظ، أي: كررنا، عن أبي مسلم. وقيل: واليناهم وتابعناهم في القول والحجة مرة بعد مرة حتى لم يبق لأحد عذر، وقيل: «وَصلْنَا لَهُمُ القَوْلَ» بما أهلكنا من القرون، وأخبرناهم أنا أهلكنا قوم نوح بكذا، وقوم هود بكذا، وقوم صالح بكذا «لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ» فيخافوا أن ينزل بهم مثل ما نزل بِمَنْ قبلهم، عن الحسن. وقيل: وصلنا أخبار الأنبياء عظة وتسلية، وقيل: القول هو القرآن فإنه تعالى أتبع كل وعد وعيدًا، وكل أمر نهيًا، وأعذر وأنذر، وفصل جميع ما يحتاج إليه، عن أبي علي. «لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ» أي: لكي يتفكروا ويعلموا الحق «الَّذِينَ آتَينَاهُمُ» أعطيناهم «الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ» من قبل نزول القرآن، وقيل: من قبل محمد، والمراد بالكتاب التوراة والإنجيل «هُمْ» يعني الَّذِينَ أوتوا الكتاب «بِهِ» قيل: بالقرآن، وقيل: بمحمد «يُؤْمِنُونَ» أي: يصدقون «وِإذَا يُتْلَى عَلَيهِمْ» يعني القرآن يقرأ عليهم «قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ» من قبل نزول القرآن «مُسْلِمِينَ»؛ لأنهم وجدوا صفته في كتبهم، فآمنوا به قبل البعث، فلما بعث وعاينوه آمنوا به «أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ» أي: يعطون «أجْرَهُمْ» جزاءهم وثوابهمِ «مَرَّتَينِ» أي: ضعفين لإيمانهم بالكتاب الأول وبالكتاب الآخر،