قوله تعالى: {الم 1 أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون 2 ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين 3 أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون 4 من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم 5 ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين 6 والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون 7}
  والفتنة: أصلها الامتحان والاختبار، ثم يستعمل في العذاب والهَرْجِ.
  والأجل: المدة والوقت.
  · الإعراب: نصب {أَنْ} الأولى ب (أحسب) والثانية بنزع الخافض على تقدير: لأن يقولوا.
  ويقال: لم قال: {يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا}، والعرب لا تقول: تركت فلانًا أن يذهب، بل يقولون: تركته يذهب؟
  قلنا: فيه قولان:
  الأول: على تقدير: لأن يقولوا.
  والثاني: على التكرير بتقدير: أَحَسِبَ الناس أن يتركوا أحسبوا أن يقولوا.
  «مَنْ» رفع بالابتداء، وخبرها (كان) وجواب الجزاء، كقوله: زيد إن كان في الدار فقد صدق الوعد، و (من) يحتمل أن يكون في محل التعريف فيكون مرفوعًا، ويحتمل أن يكون في محل النكرة فيكون منصوبًا، يقال: ساء القوم قوم فلان، وساء قومًا قوم فلان.
  · النزول: قيل: نزلت الآيات في عمار بن ياسر، وكان يُعَذَّبُ في الله، عن ابن جريج.
  وقيل: نزلت في أناس كانوا بمكة من المسلمين كتب إليهم مَنْ بالمدينة أنه لا يقبل منكم إقرار بالإسلام حتى تهاجروا، فخرجوا عامدين المدينة فردهم المشركون، فنزلت هذه الآية، فبعثوا بها إليهم، فخرجوا، فلما أتبعهم المشركون قاتلوا، فمنهم من قُتِلَ، ومنهم من نجا، عن الشعبي.
  وقيل: نزلت في مِهْجَع مولى عمر، وكان أول قتيل من المسلمين يوم بدر، فخرج أبواه وامرأته، فنزلت الآيات، فقال ÷: «سيد الشهداء مهجع»، عن مقاتل.