قوله تعالى: {الم 1 أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون 2 ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين 3 أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون 4 من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم 5 ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين 6 والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون 7}
  وقيل: نزلت في هشام بن ربيعة المخزومي ارتد عن الإسلام، ولم يحتمل أذى المشركين بمكة.
  · المعنى: {الم} قيل: اسم السورة، وقيل: إشارة إلى إعجاز القرآن؛ لأنه مؤلف منها، ومع ذلك عجزتم عن الإتيان بمثلها، وقيل: إشارة إلى حدوث القرآن، وقيل: هو ابتداء أسماء الله تعالى، وقد تقدم في مواضع القول في ذلك. «أَحَسِبَ النَّاسُ» أي: ظنوا، يعني الَّذِينَ أصابهم محن الدنيا فجزعوا، وقيل: هم الَّذِينَ جزعوا من أذى المشركين، و (أحسب) استفهام، والمراد النهي أي: لا ينبغي أن يحسب ذلك «أَنْ يُتْرَكُوا» بغير اختبار «أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ» أي: لا يُخْتَبَرُون، يعني يعاملون معاملة المُخْتَبَرِ، وقيل: معناه ألا يمتحنوا بعد إظهار الإسلام، كلا بل يمتحنون بالشرائع؛ ليظهر الصادق من الكاذب، وقيل: يفتنون في أموالهم وأنفسهم، عن مجاهد. وقيل: يكلفون بعد الإيمان الجهاد والصلاة والزكاة وغير ذلك، وقيل: يصابون بشدائد الدنيا؛ لأن ذلك لا يندفع بقولهم: آمَنَّا، والأولى حمله على الجميع؛ لأنه لا تنافي بينهما، وهو بعد الإيمان يكلف الشرائع، ويمتحن في النفس والمال وبشدائد الدنيا بحسب المصلحة.
  ثم عزاهم تسلية بما أصاب من كان قبلهم، فقال سبحانه: «وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ» أي: من قبل أمة محمد ÷ «فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ» يعني بذلك الاختبار يعلم الصادق والكاذب، قيل: صَدَقُوا فيما قالوا آمنا، وقيل: معناه قاموا بإتمام ما قالوا وثبتوا عليه، يقال: صدق في الحرب إذا قام به تشبيهًا بالصدق.
  ومتى قيل: لِمَ عظم حال هذا الحساب؟
  قلنا: لأن الإهمال قبيح، فَمَنْ ظَنَّهُ كان ظنًّا قبيحًا.
  ومتى قيل: ما فائدة المحنة؟