قوله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون 8 والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين 9 ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين 10 وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين 11}
  · النزول: قيل: نزل قوله: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ} في سعد بن أبي وقاص آمن، فقالت أمه حمنة بنت أبي سفيان بن أمية بن عبد شمس: لا يظلني سقف، ولا آكل ولا أشرب حتى تكفر بمحمد، فأبى سعد وجاء إلى رسول اللَّه، وسأله عن ذلك، فقال: «أَحْسِنْ إليها، ولا تطعها فيما سألت»، وفيها نزلت الآية. وروي أن سعدًا شُدَّ بسارية، ووقفت أمه في الشمس، فقال: لو كان لها سبعون نفسًا خرجت ما ارتددت، وكان يقول:
  أَحَدٌ أَحَدٌ.
  وقيل: نزل قوله: {فَإِذِا أُوذِيَ فِي اللَّهِ} الآيات، في ناس كانوا يؤمنون بألسنتهم، فإذا أصابهم بلاء أعرضوا، عن مجاهد.
  وقيل: نزلت في ناس من المنافقين يقولون: آمنا، فإذا أوذوا رجعوا إلى الشرك، عن الضحاك.
  وقيل: في المؤمنين الَّذِينَ أخرجهم المشركون معهم إلى بدر، فارتدوا، عن ابن عباس.
  وقيل: نزلت في قوم ردهم المشركون إلى مكة، عن قتادة.
  وقيل: نزلت في [عَيّاش] بن أبي ربيعة المخزومي آمن وهاجر قبل هجرة النبي ÷ إلى المدينة فحلفت أمه أسماء ألّا تأكل ولا تشرب، ولا تغسل رأسها حتى يرجع إليها، فلما رآها أبو جهل والحارث ابنا هشام وما هي فيه، وهي أمهما وهما أخوان لِعياش لأم، ركبا في طلبه، فلقياه بالمدينة، فذكرا القصة، وأخذ عليهما المواثيق ألّا يصرفاه عن دينه، وخرج معهما من المدينة فأخذاه وثاقًا، وجلده كل واحد مائة جلدة ليرتد فما قَبِلَ، فنزلت الآية فيه، وكان أشدهما الحارث، ونذر دمه، ثم هاجر عَيَّاش وأسلم بعد ذلك الحارث، وكان عَيَّاش غائبًا فلقيه فقتله، فقيل له: إنه مسلم، فجاء إلى رسول الله، ÷ يبكي، فنزل قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً}[النساء: ٩٢].