قوله تعالى: {وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون 12 وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون 13 ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون 14 فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين 15}
  فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض»، قال ثعلب: سمي بذلك لأن الأخذ بهما والعمل بموجبهما ثقيل. وقال غيره: العرب تقول لكل شيء نفيس خطير: ثقيل، فجعلهما ثقلين تفخيمًا لشأنهما وإعظامًا لقدرهما، وكل شيء يتنافس فيه فهو ثقل، ومنه سمي الثقلان الجن والإنس؛ لما فضلا على غيرهما، كأن له وزن وثقل على غيره، وأصل الباب: الثقل، خلاف الخفة.
  والافتراء: الكذب، وأصله: الفري، وهو القطع.
  والطوفان: الماء الكثير الغامر؛ لأنه يطوف لكثرته في بواطن الأرض، وأصله من الطوف، قال الشاعر:
  أَفْنَاهُمُ طُوفَانُ مَوْتٍ جَارِفُ
  شبه الموت في كثرته بالطوفان.
  · الإعراب: «وَلْنَحْمِلْ» جزم؛ لأن صورته صورة الأمر، قال الفراء: لفظه أمر ومعناه جزاء وخبر، تقديره: إن اتبعتم سبيلنا حملنا خطاياكم، كقوله: {فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ}[طه: ٣٩] وكقوله: {لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ}[النمل: ١٨] لفظه نهي ومعناه جزاء وخبر، وإنما جاء بلفظ الخبر؛ لأنه تضمن إلزام النفس هذا المعنى كما يلزم الأمر.
  ونصب «خَمْسِينَ» للاستثناء، والاستثناء يدخل لتوكيد العدد وكماله.
  · النزول: قيل: إدأ كفار قريش قالوا للذين أسلموا مثل خباب ونحوه: إن كنتم تخافون العذاب فنحن نحمله عنكم، فنزلت الآية تكذيبًا لهم.
  وقيل: كانوا يقولون: ليس لهذا العذاب أصل، فما كان فنحن نحمله عنكم، فنزلت الآية.