التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون 12 وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون 13 ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون 14 فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين 15}

صفحة 5551 - الجزء 8

  · النظم: يقال: كيف تتصل قصة نوح بما قبلها؟ وبماذا اتصل؟

  قلنا: فيه وجوه:

  قيل: لما قال من قبل: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} فَصَّلَ ذلك فبدأ بقصة نوح، ثم بما يليها من القصص.

  وقيل: لما أمر ونهى، وأوعد على ترك الأمر أكد ذلك بقصة نوح وغيرها.

  وقيل: لما جرى ذكر الكفار عقبه بهذه القصة تسلية للنبي ÷.

  وقيل: لما ذكر حال المجاهد الصابر وحال من كان، بخلافه ذكر قصة نوح، وصبره تلك المدة الطويلة، ثم عقبه بذكر غيره من الأنبياء.

  ويقال: كيف يتصل: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} بما قبله؟

  قلنا: لما بيّن حال المنافقين عند ورود الشبه بيّن بهذه الآية أن الواجب ألَّا يغتر المؤمن بما يرد على سمعه من الشبه الفاسدة من أهل الكفر.

  · المعنى: «وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا» قيل: من أهل مكة، وقيل: رؤساء المنافقين، عن أبي علي. «لِلَّذِينَ آمَنُوا» قيل: ضَعَفَة المسلمين، وقيل: للمؤمنين الَّذِينَ كانوا أتباعهم قبل الإيمان، عن أبي علي. «اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا» أي: ديننا «وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ» أوزاركم وذنوبكم نحملها عنكم فلا تؤخذون به، ويحتمل نحملها نحن فنؤخذ بها معكم. وقيل: كانوا ينكرون البعث، فالمراد: ولنحمل خطاياكم في فساد معاشكم في الدنيا. وقيل: إنما قالوا ذلك تقريرًا، يعني: إن كان عذاب فنحن نحمله عنكم، وكذبهم الله تعالى وقال: «وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيءٍ». وقيل: إن العذاب لعظمه وشدته لا يحمله أحد عن أحد ولا يقدرون عليه، وقيل: الله هو المعذب فلا يعذب أحدًا