قوله تعالى: {وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون 12 وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون 13 ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون 14 فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين 15}
  بذنب غيره و «إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ» في قولهم. «وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ» قيل:
  يحملون أوزارهم وخطاياهم في أنفسهم التي لا تعلق لها بغيرهم، ويحملون الخطايا التي ظلموا بها غيرهم، وقيل: يحملون عذاب ضلالهم وعذاب إضلالهم لغيرهم وعادوا يحملون الخطايا التي ظلموا بها غيرهم، وقيل: يحملون إلى كقوله تعالى:
  {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ}[النحل: ٢٨] ومثله [ما] روي عن النبي ÷ أنه قال: «من سن سنة حسنة فله أجرها ومثل أجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء». وروى الحسن عن رسول الله ÷: «أيما داع دعا إلى هدى واتبع عليه وعمل به فله مثل أجور الَّذِينَ اتبعوه لا ينقص من أجورهم شيء، وأيما داع دعا إلى ضلالة فاتبع عليها وعمل بها فعليه مثل أوزار الَّذِينَ اتبعوه لا ينقص من أوزارهم شيئًا»، ثم قرأ الحسن: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ}، «وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» سؤال تبكيت وتوبيخ لا سؤال استعلام «عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ» يكذبون. «وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا» وعاش بعد الطوفان ستين سنة حتى كثر الناس وانتشروا. وقيل: دعاهم ألف سنة إلا خمسين عامًا فلما لم يؤمنوا أهلكوا «فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ» قيل: الماء الطاغي يعني العالي على وجه الأرض، وقيل: الطوفان: المطر الشديد «وهُمْ ظَالِمُونَ» يعني: جاءهم العذاب وهم ظالمون بمعصيتهم، وقيل: ظالمون لأنفسهم «فَأَنْجَيْنَاهُ» أي: خلصناه «وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ»، وهو نوح ومن آمن به «وَجَعَلْنَاهَا» قيل: السفينة، وقيل: تلك الفعلة من نجاتهم وهلاك قوم نوح «آيَةً» أي: عبرة «لِلْعَالَمِينَ» للخلق على توحيد الله، وصدق نبيه.
  · الأحكام: يدل قوله: {وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ} أن أحدًا لا يؤخذ بذنب غيره، خلاف قول الحشوية.