التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون 16 إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون 17 وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين 18 أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير 19 قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير 20}

صفحة 5554 - الجزء 8

  · اللغة: الإفك: الكذب. والبلاغ: إلقاء المعنى إلى النفس على سبيل الإفهام.

  والابتداء: ابتداء الخلق، وأصله الظهور، كأنه بالإيجاد أظهرهم، يقال: بدا يبدو، إذا ظهر، ومبدئ ومبدأ بمعنى.

  والإنشاء: إيجاد من غير سبب، والنشأة الآخرة: إعادة الخلق كرة ثانية من غير سبب كما كان أول مرة، يقال: نشأ ينشأ، ونشأه وأنشأه الله تعالى.

  · الإعراب: نصب (إبراهيمَ) قيل: عطفًا على (نوح) أي: أرسلنا إبراهيم، وقيل: نصب بمحذوف، أي: اذكر إبراهيم.

  و (ما) في قوله: «إِنَّمَا تَعْبُدُونَ» قيل: (ما) الكافة، وقيل: (ما): الذي، وليس كذلك؛ إذ لو كان كذلك لقال: أوثان لا (أوثانًا)، عن علي بن عيسى. وقيل: إنه (ما) الذي، فإن حمل على معنى الذي ف (الأوثان) في محل الرفع وتكون (ما) مفعولاً من (إن)، وتقديره: إن الَّذِينَ يعبدونه أوثانٌ كما تقول: إنما أكلته تَمْرٌ، وإن جعلت كلمة واحدة فيكون (أوثانًا) نصب لأنه مفعول.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ قصة إبراهيم، فقال سبحانه: «وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ» وحده، واتقوا معاصيه، وقيل: اتقوا عذابه.

  ومتى قيل: لِمَ حملتم على اتقاء العذاب والمعاصي دون اتقاءٍ للسيئات؟ قيل:

  لأنه تعالى كَثَّرَهُمْ بأنواع النعم، رحيم إليه رجاء الخلق دعا إلى رحمته وفضله، صادق في وعده، ومَنْ هذا حاله تُتَّقَى مخالفته لتنال رحمته «ذَلِكُمْ» أي: ما تؤمرون به من