التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد 176}

صفحة 722 - الجزء 1

  الثاني: ذلك معلوم بأن اللَّه نزل الكتاب بالحق؛ لأنه قد أخبر أن ذلك معلوم لهم، والكتاب حق، عن الأخفش وأبي القاسم.

  الثالث: ذلك العذاب لهم بأن اللَّه نزل الكتاب فكفروا به، فتكون الباء في موضع الخبر.

  ويقال: ما موضع (ذلك) من الإعراب؟

  قلنا: يحتمل الرفع على ما بَيَّنَّا من الوجوه، ويحتمل النصب على تقدير فعلنا ذلك؛ لأن في الكلام دليلًا على فعلنا.

  ويقال: لِمَ كسرت (إنَّ) الثانية؟

  قلنا: لأنها للاستئناف.

  · المعنى: لما بَيَّنَ تعالى ما أنزل بالكفار من العذاب بين مِنْ سببه ما يجري مجرى التعليل، فقال تعالى: «ذلك» يعني الذي حكم فيهم، وحل بهم «بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ» قيل: التوراة، عن الأصم وأبي علي وأبي مسلم. وقيل: القرآن، عن أبي علي «بِالْحَقِّ» قيل: بالصدق وقيل: ببيان الحق «وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ» قيل: هم الكفار أجمع، اختلفوا في القرآن فقال بعضهم: سحرٌ، وقال بعضهم: كلام تَقَوَّله، وقال بعضهم: علم، وقيل: هم أهل الكتاب في اليهود والنصارى حرفوا وكتموا ومع ذلك اختلفوا، عن السدي، يعني: جحدت اليهود الإنجيل والقرآن، وقيل: اختلفوا، بمعنى خَلَفُوا يعني ورثوا التوراة عن أسلافهم «لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ» يعني في اختلاف شديد، قيل: فيه أقوال: قيل: بعيد عن الألفة بالاجتماع على الصواب، وقيل: بعيد في الشقاق لشهادة كل واحد على صاحبه في الضلال، وقيل: في اختلاف شديد فيما يتصل بأحكام التوراة والإنجيل، وقيل: أراد به المشركين لمباينتهم لأهل الكتاب.