قوله تعالى: {الم 1 غلبت الروم 2 في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون 3 في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون 4 بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم 5 وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون 6 يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون 7}
  · النزول: قيل: كان المشركون يغضبون للفرس، وكانوا يعبدون الأصنام والنيران أنهم [ما] كانوا أهل كتاب بغضًا للمؤمنين، فلما غلبت الفرس على الروم في حرب جرى بينهم، وغلبوا على بيت المقدس، وهو موضع عبادتهم، وكسر لذلك الروم فرح أهل مكة وقالوا للمسلمين: أهل ديننا غلبوا أهل دينكم، فنزلت الآيات وذكر أن الروم ستغلب فارسًا، فأخبر أبو بكر بذلك أبيّ بن خلف فقال: كذبت، فقال: أنت كذبت، يا عدو الله، فخاطر أبو بكر معه، وقيل: كان ذلك مع صفوان بن أمية، وقيل: عجز على ثلاث سنين وثلاث إبل، فأخبرت بذلك رسول الله ÷ فقال: «زد في الخطر وأبعد في الأجل»، فخاطرا على سبع سنين بعشر من الإبل، فلما أراد أبو بكر الهجرة تعلق به أبيّ وأخذ ابنه عبد الله من أبي بكر كفيلاً. وعلى الرواية التي خاطر عمر أخذ عبد الله بن عمر كفيلاً، فلما أراد أبيٌّ أن يخرج إلى حرب أحد تعلق به عبد الله بن أبي بكر وأخذ منه ابنه كفيلاً، وخرج أبيّ وأخذته جِرَاحَة جَرَحَهُ [إياها] رسول الله ÷، وعاد إلى مكة، ومات من تلك الجراحة، وظهرت الروم على فارس يوم الحديبية على رأس سبع سنين من وقت رهانهم، وأخذ عبد الله بن أبي بكر أو عبد الله بن عمر الرهان، هذا قول أكثر المفسرين.
  وقيل: كان ذلك أصل ماله، وذلك قبل تحريم القمار. وقيل: إنما تجاوز ذلك؛ لأنهم كانوا في دار الحرب، وما في دار الحرب على أصل الإباحة، ولأن ذلك كان في نصرة النبي ÷؛ لأنه ظهر به نصره.
  وعن أبي سعيد الخدري ومقاتل: لما كان يوم بدر غلب المسلمون كفار مكة، وأخبر الله رسوله أن الروم غلبت فارسًا، ففرح المسلمون بذلك، وروي أنهم استردوا بيت المقدس، وأن ملك الروم مشى إليه شكرًا، وبسطت له الرياحين، فمشى عليها [مع] المؤمنين.