قوله تعالى: {الله يبدأ الخلق ثم يعيده ثم إليه ترجعون 11 ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون 12 ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء وكانوا بشركائهم كافرين 13 ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون 14 فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون 15 وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون 16}
  والإحضار: مصدر أحضره إحضارًا، وهو إيجاد ما به يكون الشيء حاضرًا، ثم قد يكون بإيجاد ذاته، وقد يكون بإيجاد معنى به يحضر كالجوهر.
  · المعنى: لما تقدم الوعد بالإعادة عقبه بذكر الإعادة وقدرته عليه، فقال سبحانه: «اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ» أي: يخلقهم ابتداء ثم يعيدهم يوم القيامة بعد إفنائهم «ثُمَّ إِلَيهِ تُرْجَعُونَ» إلى حكمه وقضائه، وقيل: بين أنه بدأ بالنعمة بالخلق والحياة والشهوة والتكليف والتمكين والرزق وسائر النعم، وأنه ختم بالنعمة بالجنة وما فيها من الثواب الدائم بضروب النعم، فكل من هلك فمن جهته أُتِيَ لا من جهة ربه «وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ» قيل: يقوم الناس للساعة، وقيل: إذا كان وقت القيامة كما يقال: قامت السوق إذا حضر أهلها، عن أبي مسلم. «يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ» أي: ييأسون من رحمة الله تعالى ونعمه التي أفاضها على المؤمنين «وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ» الَّذِينَ عبدوهم في الدنيا «شُفَعَاءُ» أي: من يشفع لهم، لينجيهم من العذاب، وقيل: يبلس: يُكبَتُ، عن مجاهد. وقيل: يفتضح، عن مجاهد أيضًا. وقيل: ييأس، عن مقاتل، وقتادة، والكلبي. وقيل: المُبْلِس: الذي ينزل به السوء والبلاء، عن ابن زيد. وقيل: الذي تنقطع حجته وكلامه، عن الفراء. وقيل: يندمون، عن أبي عبيدة. ولا مانع من حمل الآية على الجميع فتحمل عليها «وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ» يعني: بشركائهم الَّذِينَ عبدوهم، وأضافها إليهم استخفافًا بما اعتقدوه فيه أنهم شركاؤهم، وقيل: لأنهم جعلوا له شركاء في مالهم، وقيل: لأنهم زعموا أنها تشفع لهم، فلما عرفوا ما كانوا فيه من الضلال بعبادتهم كفروا بالشرك أي: جحدوا وأنكروا كون الأوثان آلهة، وأقروا بأن الله لا شريك له، عن أبي علي، وأبي مسلم. وقيل: (كانوا) كناية عن الأوثان، أي: الأوثان أنكروا أن يكون هَؤُلَاءِ عبدوهم لأنهم لم يعلموا عبادتهم، والأول أوجه؛ لأنه نسق الكلام. «وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ» يعني: أهل الجمع يجتمعون، ثم يتفرقون فيصيرون فرقتين، فيفرق بين المؤمن الذي من أهل الجنة ومن هو من أهل