التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم 178}

صفحة 731 - الجزء 1

  وتدل على بطلان قول المرجئة؛ لأنه تعالى بين أن بجميع ما تقدم يقع التخلص من العقاب، وقد دخل في ذلك جميع الواجبات والانتهاء عن المحظورات.

  وتدل على بطلان قول الْمُجْبِرَةِ؛ لأنه أضاف الأفعال إلى العباد، وعلق التقوى بها فلو كانت خلقه لما صح إضافتها إليهم.

  وتدل على وجوب الإيمان بالملائكة، ولا وجه إلا ما ذكرنا، وكذلك الإيمان بالأنبياء والكتب والبعث، ولا خلاف أن جميع ذلك شرط في صحة الإيمان.

  وتدل على حسن الصبر في أمور الدين، فيدخل فيه الصبر على الطاعة وعن المعصية، والصبر في إظهار الدين وأذى المخالفين.

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ١٧٨}

  · اللغة: أصل الكتابة هو الخط الدال على معنى، فَ (كَتَبَ) بمعنى فرض مشتق منه؛ لأن الخط يدل على معنى الفرض، ومنه الصلاة المكتوبة أي المفروضة، ومنه الكاتب لأجل ما يكتب من الكتاب، ومنه قول الشاعر:

  كُتِبَ القتلُ والقتالُ علينا ... وعلى المحصناتِ جرُّ الذُّيولِ

  يعني فُرض.