قوله تعالى: {يابني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير 16 يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور 17 ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور 18 واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير 19}
  · المعنى: عاد الكلام إلى قصة لقمان، فقال سبحانه: «يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ» يعني: إن كانت الخطيئة أو السيئة «مِثْقَالَ حَبَّةٍ» أي: قدر حبة «مِنْ خَرْدَلٍ» وزنة حبة خردل، وقيل: مثقال حبة من خردل من خير أو شر، عن قتادة. وقيل: مثقال حبة من حسنة «يَأْتِ بِهَا اللَّهُ» أي: يجازي عليها؛ لأنه يعدّ عمله، عن أبي علي. «فَتَكُنْ» تلك الحبة «فِي صَخْرَةٍ» قيل: في جبل، عن قتادة. وقيل: هي صخرة تحت الأرض، وهي التي يكتب عليها أعمال الفجار، عن ابن عباس. وقيل: الصخرة التي عليها الأرض، عن السدي.
  وقيل: ذكر الصخرة على وجه المثل؛ لأن الحبة فيها أخفى وأبعد من الاستخراج، أي: لو كانت فيها من خفائها كانت محفوظة عند الله يجازي عليها، وفيه تحذير عن المعصية {أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ} قيل: باستخراجها «خَبِيرٌ» بمستقرها، أي: عليم، عن قتادة. وقيل: اللطيف: العالم بالأمور الخفية، والخبير: العالم بالأشياء كلها. وروي أن ابن لقمان لما سمع هذا الوعظ من أبيه انشقت مرارته من الخوف ومات. «يَابُنَيَّ» صَغَّرَ في هذه المواضع اسمه للترحم والشفقة «أَقِمِ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ» أي: بالطاعات «وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ» أي: المعاصي؛ لأنها ينكرها العقل، والطاعة يعرف العقلاء حسنها «وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ» قيل: دُمْ على هذه الخصال، واصبر على ما نالك من الناس فيها وفي الله تعالى، وقيل: على جميع الشدائد من الأمراض وغيرها، عن أبي علي. «إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ» قيل: من الأمور الواجبة التي أمر الله بها، وقيل: حزم الأمور، عن ابن عباس. يعني: الأخذ بطريقة الاحتياط فيما يأتي وَيَذَرُ. وقيل: حل الأمور، عن مقاتل. وأصله من العقد الصحيح على فعل الحسن «وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ» قيل: لا تتكبر فتحقر الناس وتُعْرِض عنهم بوجهك إذا كلموك، عن ابن عباس. ومعناه: لا تبغض نفسك إليهم إذا أمرتهم بالمعروف ونهيت عن المنكر؛ لأن من ينتصب لذلك ثم يتكبر ينفر الناس عن نفسه، وإذا جمع حسن الأخلاق قبلوا منه. وقيل: هو الذي إذا سلم عليه