قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم 178}
  نساءهم بغير مهر، فأقسموا لنقتلن بالعبد منا الحر منهم، وبالمرأة منا الرجل منهم، وبالرجل منا الرجلين منهم، وجعلوا جراحاتهم ضعفين على جراحات أولئك، فلم يأخذ بعضهم من بعض حتى جاء الإسلام، فرفعوا أمرهم إلى رسول اللَّه ÷ وطلبوا ذلك، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، ونهاهم عن ذلك.
  وعن السدي أنها نزلت في قومين أحدهما: مسلم، والآخر معاهد، فكانوا على عهد رسول اللَّه ÷ اقتتلوا. وقيل: نزلت في حيين من الأنصار.
  · المعنى: لما بَيَّنَ تعالى أن البر لا يكون إلا بالإيمان والتمسك بالشرائع، بين الشرائع خصلة خصلة، وبدأ بذكر القصاص في الدماء والجراح؛ لأنه أهم، فقال تعالى: «كُتِبَ عَلَيكُمُ» يعني فرض عليكم، وهذه اللفظة تقتضي الوجوب من وجهين: أحدهما: قوله: «كتِبَ»؛ لأنها في الشرع يُعَبَّرُ بها عن الوجوب، والثاني: قوله: «عَلَيكُمُ»؛ لأنه ينبئ عن الوجوب، كقوله تعالى: {وَللَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيتِ} ويقال: لفلان على فلان حق، وقيل: معنى (كتب) أن هذا الوجوب كتب عليهم في أم الكتاب «الْقِصَاصُ» يعني المساواة، فيفعل بالقاتل مثل ما فعله بالمقتول.
  ومتى قيل: كيف يجب القصاص مع تخيير الأولياء، فإنه مخير بين فعله وتركه، والمقتص منه لا فعل له فيه ولا وجوب عليه، وإن صح وجوبه فعلى من يجب؟
  أما الأول ففيه قولان: الأول: فرض ذلك إن اختار الولي القصاص، وقيل: كتب عليكم التمسك بما حد لكم دون التعدي فيما ليس لكم.
  فأما من يجب عليه ففيه قولان: