التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون 12 ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين 13 فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون 14 إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون 15}

صفحة 5678 - الجزء 8

  وقيل: بل له أعوان كثير من ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، عن قتادة، ومقاتل، والكلبي. وعلى هذا أراد بملك الموت الجنس، يدل عليه قوله: {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا}⁣[الأنعام: ٦١] وقوله: {تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ}⁣[النحل: ٢٨].

  ومتى قيل: كيف الجمع بين هذه الآيات وبين قوله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}⁣[الزمر: ٤٢]؟

  قلنا: الله يخلق الموت ولا يقدر عليه أحد سواه، وملك الموت يقبض الأرواح، أو يأمر به أعوانه، وهذا هو الأوجه.

  وقيل: الله تعالى هو المتوفي وأمر الملائكة بالقبض، والأول أوجه، وعلى هذا أنه يقبض الروح والحياة تحتاج إليه، فتبطل.

قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ١٢ وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ١٣ فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ١٤ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ١٥}

  · اللغة: النكسُ: قلب الشيء على رأسه، نكسه ينكسه، والنكسُ في المرض بضم النون، والنِّكسُ بكسر النون: السهم الذي ينكسر، فيجعل أعلاه أسفله.

  والخُرُورُ: السقوط، خَرَّ: سقط.