قوله تعالى: {ياأيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما 1 واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا 2 وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا 3 ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل 4 ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما 5}
  الله، وكان مما يدينون به أن للكهنة قلبين وتحريم النساء بالظهار والتبنِّي فنهى عنه، وأمر باتباع الشرع.
  · المعنى: «يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ» قيل: خطاب للرسول ÷ والمراد جميع المكلفين «اتَّقِ اللَّهَ» قيل: معناه: دُمْ على التقوى في مستقبل عمرك، كما يقال للآكل: كُلْ، وقيل: معناه: زِد تَقْوَى، وقيل: اتق الله في اتباع المشركين وإجابتهم إلى ما التمسوه، وقيل: اتق الله ولا تطع الكافرين، فليس لأحد عقلان يطيع الله بأحدهما، ويطيع الكفار بالآخر، وقيل: إن بعض المسلمين هموا بقتل أولئك الَّذِينَ قدموا بأمان، فقال: اتق الله في نقض العهد «وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ» قيل: هو عام، وهو أوجه، وقيل: يعني: أهل مكة أبا سفيان وأصحابه «وَالْمُنَافِقِينَ» قيل: عبد الله بن أبي وعبد الله بن سعد و [طعمة] بن أبيرق، وقيل: هو عام، وإنما ذكر المنافقين؛ لأنهم في الظاهر يقرون بالإسلام «إِنَّ اللَّهَ كَان عَلِيمًا» بأحوالهم وبما راموا منك «حَكِيمًا» فيما يوجبه عليك من أمرهم والنهي عن اتباعهم، وقيل: لإنذارهم فلا فائدة فيه؛ لأنه عليم بأنهم لا يؤمنون، حكيم في الأمر بأن يُغْلَظَ عليهم «وَاتَّبعْ مَا يُوحَى إِلَيكَ» من القرآن والشرائع فَبَلِّغْهُ واعمل به «إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا» أي: عليما فيجازي كل أحد بعمله «وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً» قائما بتدبير عباده «مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَينِ فِي جَوْفِهِ» قيل: هو رد على من اعتقد جوازه، وقيل: أراد عقلين وسماه قلبًا؛ لأنه محله، وقيل: ما جعل الإيمان والكفر في قلب واحد، يعني: لا يجتمع الكفر والإيمان، وذكر القلب؛ لأن الاعتقادات تحله، فمن أراد أن يخلص لله ويُؤمَنُ بالأصنام لا يقدر عليه، فإن ذلك في قلبين لا في قلب واحد إما الإيمان وإما الكفر، عن أبي مسلم. وقيل: ما جعل الله لرجل قلبين يعلم بأحدهما، خلاف ما يعلمه بالآخر، ويريد بأحدهما خلاف ما يريده بالآخر، مبينًا أن حال الكل سواء فيما يجوز عليهم، وقيل: هو مثل ضربه الله للمظاهر وللمدعي ابن غَيْرِهِ يقول: كما لا يكون