التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما 1 واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا 2 وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا 3 ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل 4 ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما 5}

صفحة 5698 - الجزء 8

  لرجل قلبان لا تكون امرأة الرجل أُمَّهُ، ولا يكون ابنُ غيره ابنَه، عن الزهري، ومقاتل. «وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّاِئي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ» يعني: لا تصير الزوجة بقول الرجل: (أنت عليّ كظهر أمي) أُمًّا، ولا تُحَرَّمُ كتحريم الأم، وكان ذلك طلاقًا في الجاهلية، فبَيَّنَ تعالى أنه لا تصير كأمه، ولكن يكون معصية، وفيه الكفارة «وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ» يعني: من تدعونه ولدًا، وهو ثابت النسب من غيركم لا يصير ولدًا لكم «ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ» يعني: أنه شيء تقولون بألسنتكم، لا حقيقة لها، قيل: أراد في التبنِّي، وقيل: فيه وفي الظهار والقَلْبَيْنِ. «وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ» يدل على طريق الحقَ «ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ» أي: انسبوهم إلى آبائهم الَّذِينَ ولدوا على فرشهم «هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ» أعدل في القول؛ لأن انتسابه إلى المدعي كذب، وقيل: المراد به الأحكام المتعلقة بالنسب كالموارث والجزية والعقد «فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ»؛ لأن المؤمنين إخوة. وقيل: أراد به التقريب والموالاة الجارية بين المسلمين. «وَمَوَالِيكُمْ» أصدقاؤكم، وقيل: مواليكم في وجوب النصرة، وقيل: معتقوكم ومحرروكم إذا أعتقتموهم، وقيل: بنو الأعمام «وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ» يعني: إذا نسبتم أحدًا إلى أحد ظنًّا منكم أنه أبوه فلا حرج، عن قتادة. «وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ» فنسبتموه إلى غيركم مع علمكم بخلافه، وقيل: الحرج على من استلحق نسبًا عامدًا، فإذا كان خطأ فلا حرج، عن ابن الأنباري. «وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا» لما سلف إذا تاب «رَحِيمًا» بقبول توبتهم، وإيجاب الثواب.

  · الأحكام: يدل أول الآيات على النهي عن طاعة الكفار.

  ومتى قيل: فلو أمره بطاعة؟

  قلنا: يفعله لأنه طاعة لا لاتباعه، وإن النهي مطلق.

  ومتى قيل: إذا كان الخطاب عامًّا فلم خص النبي ÷؟