قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم 178}
  الثالث: أنه خطاب له قبل حصول القتل، فأما الهاء في قوله: «أَخِيهِ» فقيل: أراد أخا المقتول، عن الحسن، وقيل: أخا القاتل.
  «فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ» قيل: على العافي الاتباع بالإحسان، وعلى المعفو عنه الأداء بالإحسان، عن ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد، وقيل: هما على المعفو عنه، وقيل: على من أعطى، وهو الولي «فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ» يعني أخذه، وعلى القاتل أداؤه، فأما الاتباع بالمعروف فترك التشديد في المطالبة والإنظار إن كان معسرًا، وألَّا يطالبه بالزيادة على حقه ونحو ذلك، وأما الأداء بالإحسان، فالدفع عند الإمكان من غير مطل، وكل ذلك تأديب منه تعالى لعباده لمن له الحق، ولمن عليه الحق، وقيل: فليتبع أمر اللَّه بالمعروف، فيكون المعروف من صفة الأمر، عن أبي مسلم، والوجه: الأول. «ذَلِكَ» إشارة إلى جميع ما تقدم من العفو وأخذ المال والاتباع بالمعروف والأداء بالإحسان، وقيل: يرجع إلى أخذ المال، وترك القود، عن ابن عباس وجماعة «تَخْفِيفٌ مِنْ رَبّكُمْ وَرَحْمَةٌ» قيل: كان أهل التوراة يقتلون، ولا يأخذون الدية، وأهل الإنجيل عليهم العفو بالقود ولا دية، فجعل تعالى لهذه الأمة التخفيف إن شاء قتل، وإن شاء أخذ الدية، وإن شاء عفا، عن ابن عباس، وقيل: ما خيركم فيه تخفيف، ولرحمته فعل ذلك، عن أبي علي، وقيل: تخفيف من باب الأداء والمطالبة، فإنه أوجب جميع ذلك المعروف «فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ» يعني جاوز الحد إلى ما هو أكثر منه، قيل: بأن قتل بعد الدية والعفو، عن ابن عباس والحسن وجماعة. قال الحسن: كان أهل الجاهلية إذا عفا أو أخذ الدية ثم ظفر بالقاتل قتله، فنهى اللَّه تعالى عن ذلك، وقيل: بأن قتل غير قاتله، أو أكثر من قاتله، أو طلب أكثر مما وجب له من الدية، وقيل: جاوز الخد بعدما تبين له كيفية