التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم 178}

صفحة 738 - الجزء 1

  القصاص، قال القاضي: ويحمل على الجميع لعموم اللفظ «فَلَهُ عَذَابٌ» قيل: القود، مَنْ قَتَلَ بعد القود قُتِلَ لا محالة، وليس فيه العفو، عن الحسن وسعيد بن جبير.

  وقيل: المراد به عذاب الآخرة، وهو الوجه؛ لأنه المفهوم عند الإطلاق، وأكثر المفسرين عليه «أَلِيمٌ» مؤلم موجع.

  · الأحكام: في الآية أحكام: منها: أنها تدل على وجوب القصاص؛ لأن قوله: «كتِبَ» يتضمن ذلك.

  وتدل على وجوب القصاص في جميع المقتولين إلا ما خصه الدليل؛ لأن الآية عامة مستقلة بنفسها يفهم المراد بظاهر قوله: «كُتِبَ عَلَيكُمُ الْقِصَاصُ».

  ومتى قيل: أي قتل يجب فيه القصاص؟

  قلنا: القتل على ثلاثة أضرب: عمد، وخطأ، وشبه عمد، ففي العمد القصاص، وفي الخطأ الدية مخففة، وفي شبه العمد الدية مغلظة، وقال الهادي #: لا معنى لشبه العمد، وهو قول مالك، فأما العمد فله صفة وأحكام.

  فأما صفة العمد فاتفقوا أن القصد معتبر، وأن الآلة معتبرة، ثم اختلفوا فقال أبو حنيفة: أن يتعمد الضرب بسلاح أو ما يجري مجراه في تفريق الأجزاء، وقال أبو يوسف ومحمد ومالك والشافعي: أن يتعمد الضرب بما يقتل غالبًا كالقتل بالمثقل، والعصا الكبير، فإذا توالى الضرب بالصغير لم يوجب القود، وعندهم يوجب.

  فأما الأحكام المتعلقة في العمد فالمأثم والقود والعوض للمقتول.

  واختلفوا في المال فقيل: لا يثبت إلا بالتراضي عن أبي حنيفة وأصحابه، وقيل: يثبت، والخيار إلى الولي عن الشافعي.