قوله تعالى: {قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا 16 قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا 17 قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا 18 أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا 19 يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب يسألون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا 20}
  · الإعراب: «أَشِحَّةً» نصب على الحال والقطع من قوله: {وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا}.
  {يَوَدُّوا} جواب المجازاة لولا ذلك لقال: يودون.
  · النزول: قيل: كان ناس من المنافقين يقولون لإخوانهم: ما محمد وأصحابه إلا أَكْلَةٌ لأبي سفيان وأصحابه، دعوا هذا الرجل فإنه هالك، فأنزل الله تعالى هذه الآية: {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا}، عن قتادة.
  وقيل: نزلت في المنافقين فإن اليهود أرسلت إليهم، قالوا: ما الذي غلبكم على قَتْلِ أنفسكم بيد أبي سفيان ومن معه، فإنهم إذا قدروا عليكم لم يَسْتَبْقُوا منكم أحدًا، وأنتم إخواننا وجيراننا فسلموا إلينا، فقال عبد الله بن أبي للمؤمنين: ما ترتشدون بهذا إن قدروا علينا قُتِلْنا، انطلقوا إلى إخواننا من اليهود، عن مقاتل.
  وقيل: انطلق رجل من عند رسول الله ÷ فوجد أخاه بين يديه شواء ورغيف ونبيذ، فقال: أنت هاهنا في الشواء والنبيذ ورسول الله ÷ بين الرماح والسيوف، فقال: هلم إلى هذا، فوالذي يُحْلَفُ به لا يستقبلها محمد أبدًا، فقال: كذبت، لأخبرن بذلك رسول الله، فجاء وقد نزل جبريل بالآية.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى أن الفرار لا ينفع، حثًّا على الجهاد، فقال سبحانه: «قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا» أشار إلى أن الشهادة خير من الحياة مع الذل قليلاً في الدنيا ثم الموت، وقيل: لا يمتعون إلى آجالهم إلا أيامًا قلائل، ويُقال: الدنيا كلها قليل «قُلْ» يا محمد لهم: «مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ» أي: يمنعكم «مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكم سُوءًا» عقوبة «أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً» نصرًا وعِزًّا، قيل: