قوله تعالى: {ياأيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا 28 وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما 29 يانساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا 30}
  وعن عائشة: لما خيّرني فاخترت الله ورسوله فعل جميع أزواج النبي ÷ مثل ذلك.
  وروي أن نساء النبي ÷ قلن: ما بالنا لا نجد قوت يوم، ونساء قيصر وكسرى على الديباج، فنزلت الآية.
  وقيل: إن عائشة سألت شراء قميص بأربعة دراهم وأَلحَّتْ عليه، فنزلت الآية.
  وقيل: أرادت شيئًا لم يكن عند رسول الله ÷.
  ومتى قيل: أليس روي أنه جمعهن، وتلا عليهن الآية؟
  قلنا: يجوز أن يكون خاطبها أولاً في الخلوة، ثم جمعهن، وتلا عليهن، وإنما بدأ بعائشة؛ لأنه كان بها أوثق، وغلب على ظنه أنها لا تختار إلا الله ورسوله.
  وعن عائشة: أن النبي ÷ قال لها: «لا تعجلي واستأمري أبا بكر»، فعلمت أن أبويَّ لا يأمراني بفراقه، فاخترت الله ورسوله.
  · المعنى: لما تقدم ذكر نساء النبي ÷ وأنهن أمهات المؤمنين بيّن حالهن، فقال سبحانه: «يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ» امتحانًا واختبارًا «إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا» يعني: سعة العيش وزينة الدنيا من الحلي ونحوه «فَتَعَالَينَ أُمَتِّعْكُنَّ» أعطيكن متعة الطلاق، وقيل: أمتعكن بتوفير المهر «وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا» أي: طلاقا جميلاً على وفق الشرع من غير خصومة، وقيل: خيّرهن بين الدنيا والآخرة، وليس بتخيير طلاق، عن الحسن. وقيل: هو تخيير طلاق، وقيل: كان كل من تختار الدنيا طلقها «وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» أي: طاعة الله وطاعة رسوله، والصبر على ضيق العيش في الدنيا «فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا» قيل: فيه حذف تقديره: إن كنتن تردن الله ورسوله وكنتن محسنات فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرًا عظيمًا.