التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا 28 وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما 29 يانساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا 30}

صفحة 5728 - الجزء 8

  ومتى قيل: ما الذي أراد بزينة الدنيا: الحلال أو الحرام؟

  قلنا: لا يجوز أن يردن الحرام؛ لأنه لا يخص به نساء النبي ÷؛ بل يجب على جميع المكلفين اجتنابه، ولأن الحرام بعد المعارف لا يجوز الانتفاع به أيضًا، ولأن الحرام لا تخيير فيه؛ بل. يجب التجنب، فلا بد أن يكون المراد الحلال من الزينة، إلا أنه علم كونها مفسدة لهن فَخَيَّرَهُنَّ، وقيل: كان من تكليفهن الصبر على الضيق، ولو فارقهن لكان يباح لهن الزينة كسائر النساء.

  «فَإنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا» أي: ثوابًا جزيلاً «يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ» أي: بمعصية ظاهرة «يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ» في الآخرة «ضِعْفَينِ» يعني مثلي ما يكون على غيرهن، وإنما كان كذلك؛ لأن نعم الله عليهن أكثر لمكان النبي ÷ بينهن، ولنزول الوحي في بيوتهن، ولأنه يخصهن بالوعظ وذكرهن في القرآن، وإذا كانت النعم عليهن أعظم كانت المعصية أفحش، فتكون العقوبة أعظم؛ ولذلك كان عقوبات الحر في الحدود على الضعف من عقوبات الإماء والعبيد، وقيل: إنما عظم عقابهن ومعاصيهن؛ لأن فيه إلحاق عار برسول الله ÷، وكن ساكني بيوت النبوة «ويعاينَّ» نزول الملائكة، ويشاهدن الوحي والمعجزات، فصار هتكهن للحرمة أعظم فعظمت العقوبة، وقيل: لأن فيه تنفيرًا عن رسول الله ÷ «وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا» يعني: سهلاً، نبّه بذلك أن مكانهن من الرسول لا يمنع العذاب.

  · الأحكام: تدل الآية أنه ÷ خيّر أزواجه، واختار أبو علي قول الحسن أنه ليس بتخيير طلاق، ولكنْ تخييرٌ. وعِدَة بالطلاق، وعن عائشة أنه خيّر نساءه فاخترنه، فَلَمْ يجعل ذلك طلاقًا.

  ومتى قيل: هل يجب في غيره ÷ أن يخير امرأته عند ضيق النفقة؟