التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما 31 يانساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا 32 وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا 33 واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا 34 إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما 35}

صفحة 5733 - الجزء 8

  وكانوا أهل شرك، وكانت المرأة تزين نفسها وتعرض على الرجال وكان زمن نمرود، عن الكلبي. وقيل: ما بين آدم ونوح ثمانمائة سنة، عن الحكم. وقيل: ما بين نوح وإدريس كان ألف سنة، عن ابن عباس. وقيل: ما كان عليه نساء العرب في الجاهلية من البروز وترك الحجاب، وأما الثانية فحال من عمل في الإسلام بعمل أولئك «وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ» إقام الصلاة: أداؤها في أوقاتها بشرائطها «وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ» فيما أمركم به ونهاكم عنه «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ» قيل: إنما يذهب بأمره ونهيه فيأمر بمكارم الأخلاق ومعالي الأمور، وينهى عن سفاسفها، فيزيل عنهن كل خصلة دنيئة، ويطهركم حتى لا تقذفوا بشيء، وقيل: يريد أن يذهب عنكم بألطافه كل فاحشة، واختلفوا في «الرِّجْسَ» قيل: هو الإثم الذي نهى الله عنه النساء، عن مقاتل. وقيل: الشرك، عن مجاهد. وقيل: الشيطان، عن ابن زيد. وقيل: السوء، عن قتادة. وقيل: كل قبيح في الشرع رجس، وقيل: عقوبة المعاصي؛ لأن الرجس العذاب «أَهْلَ الْبَيتِ» يعني: أهل بيت محمد ÷ مَنْ تضمه بيته وهم أزواجه وبناته، وقيل: هو النبي ÷ وعلي وفاطمة والحسن والحسين، وقيل: كل من حرم عليه الصدقة من بني هاشم، وقيل: هم أزواج النبي ÷، والصحيح أن الجميع مراد خصوصًا الأزواج؛ لأن ما قبل الكلام وما بعده في شأنهن.

  ومتى قيل: أليس الله تعالى أراد إذهاب الرجس عن كل أحد، فلم خصهم بالذكر؟

  قلنا: فيه وجوه:

  أحدها: أنه كما يؤمنهم عن الفواحش يؤمنهم عن كثير من المباحات المنفرة صيانة للرسول.

  وثانيها: أن في تطهيرهم منقبة للرسول ÷ فخصهم بالذكر.

  وقيل: لأنه أمرهم به وأراد ذلك منهم وهم فعلوه دون غيرهم.

  وقيل: لأن أهل بيت كلهم كذلك لم يوجد إلا أهل بيت الرسول ÷.

  ومتى قيل: إذا كانت الآية في الأزواج، فما تأويل ما روي أنه قال في أصحاب الكساء: «هَؤُلَاءِ أهل بيتي»؟