قوله تعالى: {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين 20 وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ 21 قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير 22 ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير 23 قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين 24 قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون 25}
  فجمع بين القلوب الرطبة واليابسة، وجمع بين العناب والحشف البالي، والرطب شبه بالعناب، واليابس بالحشف البالي ليبسها وضمورها.
  وقيل: كان هذا في ابتداء الإسلام، حيث أمره أن يجادل بالتي هي أحسن، ثم نسخ بآية القتال، وقيل: قاله استهزاء بهم من غير شك، كقول الشاعر:
  يَقُولُ الْقَائُلِونَ بَنُو قُشَيْرٍ ... طَوَالَ الدَّهْرِ لاَ تَنْسَيَ عَلِيَّا فَإِنْ يَكُ حُبُّهُم رُشْدًا أُصِبْهُ ... وَلَسْتُ بِمُخْطِئٍ إِنْ كَانَ غَيَّا
  ولم يرد الشك، وقيل: (أو) بمعنى الواو، والمعنى: إنا لعلى هدى، وإنكم لفي ضلال مبين «قُلْ» يا محمد إذا لم ينقادوا للحجة: «لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ» نحن «عَمَّا» كنتم «تَعْمَلُونَ» فهي المجازاة أي: لا تؤاخدون بعملنا، ولا نؤاخذ بعملكم.
  · الأحكام: تدل الآية أن إبليس غير عالم بقبول مَنْ يدعوه؛ ولكن يظن ظنًّا، فصدقوا ظنه باتباعه.
  وتدل على أن الشفاعة للملائكة بإذن الله، وأنهم يشفعون للمؤمنين على ما نقوله.
  وتدل على أن الرزق من الله.
  ويدل قوله: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ} على أن للمحق أن يقول ذلك من غير شك، وروي أن أمير المؤمنين (كرّم الله وجهه) احتج به يوم النهر علي الخوارج في إنكارهم التحكيم.