قوله تعالى: {وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون 37 والذين يسعون في آياتنا معاجزين أولئك في العذاب محضرون 38 قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين 39 ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون 40 قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون 41 فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون 42}
  · الإعراب: (مَنْ) في قوله: {إِلَّا مَن} يحتمل وجهين:
  أحدهما: أن يكون محله نصبًا على الاستثناء المنقطع من الكاف في {تُقَرِّبُكُمْ} والهاء من (فيه) تقريب، وقيل: هو مستثنى من الكاف والميم في {تُقَرِّبُكُمْ} محلها نصب، كذلك المستثنى منه.
  الثاني: يكون محله رفعا، تقديره: لَكِن المؤمنون لهم جزاء الضعف على معنى الجملة من الابتداء والخبر.
  ويقال: لِمَ قال: {بِالَّتِي} وقد تقدم ذكر شيئين؟
  قلنا: قيل: للاختصار، والعرب تذكر اسمين، ثم تعبر عن فعل أحدهما لدلالة المذكور على المحذوف.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى تفاخرهم بالدنيا، ورد عليهم، فقال سبحانه: «وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى» أي: لا تقربكم من ثواب الله ورضاه كثرة أموالكم وأولادكم قربة، والزلفى: القربى، عن مجاهد. «إِلَّا» بمعنى لكن الذي يَقْرُبُ من ثوابه «مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا» تقديره: يقربكم الإيمان والعمل الصالح، وقيل: ما يقربكم إلا أن تؤمنوا وتعملوا صالحًا، و «آَمَنَ» صدق الله ورسوله، «وَعَمِلَ صَالِحًا» أي: عمل بطاعة ربه، وقيل: أنفق ماله في سبيل الخير «فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ» أي: جزاء الإضعاف، كقوله: {فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}[الأنعام: ١٦٠] ومعنى الكلام: من آمن وعمل صالحًا فله في الآخرة ثوابه ويضاعف على ذلك، وقيل: «جَزَاءُ الضّعْفِ»: أنه يعطيهم جزاءهم وقتًا بعد وقت، فيعطيهم في كل وقت مثل الذي أعطى قبله، وهو معنى