قوله تعالى: {يس 1 والقرآن الحكيم 2 إنك لمن المرسلين 3 على صراط مستقيم 4 تنزيل العزيز الرحيم 5 لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون 6 لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون 7 إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون 8 وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون 9 وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 10}
  فمن قال: لا معنى له في نفسه اختلفوا، قيل: اسم للسورة، عن الحسن، وقتادة، وأبي علي. وقيل: إشارة إلى أن القرآن مؤلف من هذه الحروف، وأنتم تتكلمون بها، وعجزتم عن مثلها، فاعلموا أنه معجزة وكلام الله تعالى، عن أبي مسلم. وقيل: إشارة إلى أن القرآن مؤلف من هذه الحروف؛ ليعلم أنه محدث، عن أبي بكر الزبيري.
  وأما من قال: له معنى، اختلفوا، فقيل: معناه: يا إنسان بلغة طَيِّءٍ، عن ابن عباس. قال عطاء: هو بالسريانية، وليس بصحيح؛ لأن القرآن كله عربي إلا أن يريدوا توافق اللغتين أو أن العرب أخذته وعرَّبَتْهُ، وقيل: معناه: يا رجل؛ عن أبي العالية. وقيل: معناه: يا محمد، عن سعيد بن جبير. وقيل: «إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ» ولذلك يقال لآل محمد: آل يس، قال السيد الحميري:
  يَا نَفْسُ لاَ تَمْحَضِي بِالْوُدِّ جَاهِدةً ... عَلَى الْمَوَدَّةِ إِلَّا آل يَاسِينَا
  وكل ذلك لا دليل عليه، فالأصح أحد القولين الأولين، إما قول أبي علي وإما قول أبي مسلم.
  «وَالْقُرْآنِ» الواو للقسم، أقسم به تنبيهًا على تفخيم شأنه وعظم حاله؛ من حيث إنه كلام الله تعالى، معجز لرسوله، دال على الأحكام، وقيل: القسم برب القرآن «الْحَكِيمِ» قيل: المُحْكَم، وقيل: المظهر للحكمة للناظرين «إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ» هذا جواب القسم، أَقْسَمَ أنه نبي من الأنبياء جوابًا لقول الكفار {لَسْتَ مُرْسَلًا}[الرعد: ٤٣].
  ثم بيّن طريقته، فقال سبحانه: «عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» أي: طريق في الدين مستقيم، سمى الدين طريقا؛ لأنه طرائق الجنة والنجاة.
  ثم وصف القرآن، فقال سبحانه وتعالى: «تَنزِيلَ» أي: هذا القرآن تنزيل «الْعَزِيزِ» أي: القادر «الرَّحِيمِ» بعباده لذلك بعثه.