قوله تعالى: {وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون 41 وخلقنا لهم من مثله ما يركبون 42 وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون 43 إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين 44 وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون 45 وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين 46 وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه إن أنتم إلا في ضلال مبين 47}
  بذلك. وقيل: الجاهل والشاك لا تسكن نفسه إلى البغي، بل يجوز ولذلك صح أن يوصف بذلك. وقيل: بأن ما يكون لا محالة يصح أن يوصف بأنه يَنْتَظِرُ، كما يوصف النائم والساهي [بأنه] ينتظر الموت.
  «تَأْخُذُهُمْ» قيل: وصف الصيحة بالأخذ، وهي عِوَضٌ توسعا، وحيث أصابتهم وأهلكتهم، عن أبي علي. «وَهُمْ يَخِصِّمُونَ» يعني: تأتيهم فجأة وهم في أحوال الدنيا يخاصم بعضهم بعضًا «فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً» أي: لا يقدرون على أن يوصي بعضهم بعضًا «وَلاَ إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ» أي: لو أرادوا الرجوع إلى أهلهم لم يمكنهم، واختلفوا في هذه الصيحة، قيل: هي صيحة الموت ونفخة إسرافيل عند قيام الساعة، فيموت الخلق أجمع. وقيل: بل هو عذاب يختصون به. وقيل: إنه تعالى أراد أَخْذَ المشركين، عن الحسن. «وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ» يعني: من القبور «إِلَى رَبِّهِمْ» إلى الموضع الذي يحكم فيه تعالى، لا حكم هناك لغيره «يَنْسِلُونَ» يخرجون سراعًا، ونفخة الصور هي نفْخة البعث، وبين النفختين قيل: أربعون سنة، وقيل: ما شاء الله، وقيل: نفخ الروح في الصور، فلما رأوا أهوال القيامة ويوم البعث «قَالُوا يَا وَيْلَنَا» يعني: الويل علينا في هذا اليوم «مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا» أي: أقامنا وأنبهنا عن منامنا. وقيل: إنما يقولون هذا؛ لأنه تعالى رفع عنهم العذاب قدر ما بين النفختين فيرقدون. وقيل: مِنْ قبورنا، وصفوا القبور بالمرقد؛ لأنه لما أحياهم كانوا كالمنتبهين عن الرقدة. وقيل: وصف القبور بالمرقد؛ لأنهم استقروا فيها. وقيل: لأنهم لما عاينوا عذاب جهنم وأهوال القيامة عدوا ما كان في قبورهم بالإضافة إليها رقادًا، والقبر مَرْقَدًا.
  ومتى قيل: هلا قلتنم: إنه يدل على نفي عذاب القبر؟
  قلنا: عذاب القبر لا يدوم، بل ينقطع. وقيل: هي في جنب عذاب النار كالرقدة على ما بَيَّنَّا.
  «هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ» من البعث والجزاء «وَصَدَقَ الْمُرْسلُونَ» في ذلك، قيل: هذا من قول المؤمنين جوابًا للكافرين لما قالوا: «مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا»، عن مجاهد،