قوله تعالى: {وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون 41 وخلقنا لهم من مثله ما يركبون 42 وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون 43 إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين 44 وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون 45 وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين 46 وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه إن أنتم إلا في ضلال مبين 47}
  قيل: فرحون، عن ابن عباس. وقيل: عجبون، عن مجاهد، والضحاك. وقيل: هو كناية عن الأحاديث الطيبة وهو فاعلون من الفاكهة، عن أبي مسلم. وقيل: ذوو فاكهة «هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ» قيل: نساؤهم في الدنيا لتصح الإضافة. وقيل: بل أزواجهم في الآخرة من المسلمات، وقيل: من الحور العين «فِي ظِلَالٍ» جمع ظل «عَلَى الْأَرَائِكِ» قيل: الحِجَال على السرر، وقيل: هي السرر؛ يعني: هم على سرر، وتظلهم قبابٌ فوقهم، وقيل: في ظلال الأشجار على فُرُشٍ حسان، وقيل: كل ما اتكئ عليه فهو أريكة، والجمع: أرائك، عن الأزهري. «مُتَّكِئُونَ» يعني: جلستهم جلسة الملوك، خلاف أهل النار «لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ» قيل: يسألون، عن ابن عباس. وقيل: يتمنون، عن مقاتل. وقيل: كل من يدعي شيئًا فهو له بحكم الله؛ لأنهم لا يَدَّعُونَ باطلاً، وقيل:
  إذا دعوا شيئا من نعيم الجنة أتاهم، و «يَدَّعُون»: يفتعلون من الدعاء «سَلاَمٌ» قيل: يتصل بما قبله، يعني: «مَا يَدَّعُونَ»، وهو السلامة لهم والأمن من ربهم، وفيه حذف، أي: ولهم سلامة، وقيل: بل هو استئناف ومعناه: الله يسلم عليهم من غير واسطة، وقيل: يسلم عليهم على ألسنة الملائكة «قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ».
  ثم بَيَّنَ حال أهل النار، فقال سبحانه: «وَامْتَازُوا» أي: يقال للمجرمين: امتازوا، قيل: تفرقوا، عن ابن عباس. وقيل: تميزوا عن المؤمنين، عن أبي العالية. وقيل:
  اعتزلوا من كل خير، عن قتادة. وقيل: كونوا على حدة، عن السدي. وقيل: لكل كافر بيت في النار يدخله ويردم بابه، لا يَرى ولا يُرى، عن الضحاك. وقيل: انفردوا عن المؤمنين، فداركم غير دارهم، وجزاؤكم غير جزائهم «الْيَوْمَ» يعني: يوم القيامة «أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ»، ثم خصهم بالتوبيخ فقال: «أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيكُمْ» يعني: ألم آمركم على ألسنة الرسل وفي الكتب المنزلة، عن أبي علي. وقيل: عهده قوله: «وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ». وقيل: أراد قوله: {يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ}[الأعراف ٢٧] ونظائر ذلك، عن أبي مسلم «أَنْ لاَ تَعْبُدُوا الشَّيطَانَ» أي: لا تطيعوه في معاصي الله «إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ» أي: بَيِّنٌ عدواته يدعوكم إلى ما فيه هلاككم «وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ» أي: طريق مُسْتَوٍ يؤديكم إلى الجنة.