التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون 71 وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون 72 ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون 73 واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون 74 لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون 75 فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون 76 أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين 77 وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم 78 قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم 79 الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون 80 أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم 81 إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون 82 فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون 83}

صفحة 5903 - الجزء 8

  كل شجر نار، وهو أوجه، لذلك يحترق. وقيل: بل هما شجران: مَرْخٌ وعَفَارٌ، يقطع منهما غُصْنَانِ خضراوان كَـ سِوَاكَيْنِ ويسحق أحدهما بالآخر فتخرج منهما النار، عن ابن عباس. والعرب تقول: في كل شجر نار، واسْتَمْجَدَ المرخ والعفار «فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ» من الشجر «تُوقِدُونَ» النار «أَوَلَيسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ» يعني: خلق هذه الأشياء أعجب من إعادة الأشياء، فإذا قدر على ذلك قدر على هذا، فلما بُهِتَ الكافر وانقطع قال: «بَلَى» هو قادر «وَهُوَ الْخَلَّاقُ» الكثير الخلق؛ لأنه قادر لذاته «الْعَلِيمُ» لذاته يعلم تفاريق الأشياء فيعيدها ويقدر على ذلك فيحييها «إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» يعني: إذا أراد فعل شيء فعله كما أراد لا يتعذر عليه شيء، وقيل: إنه مَثَلٌ، والمراد ما ذكرنا. وقيل: يحدث صوتًا تعلم الملائكة أنه لإحداث أَمْرٍ «فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ» أي: تنزيهًا لمالك كل شيء من كل سوء وعن أن يخلق الخلق ويكلفهم ثم لا يقدرهم؛ لأن الغرض الجزاء، والمراد بقوله: «بِيَدِهِ» أي: في قدرته؛ لأنه يقدر على كل شيء يخلقه ويفنيه ويعيده «وِإلَيهِ تُرْجَعُونَ» إلى حكمه وجزائه.

  · الأحكام: الآية تدل على وجوب النظر، متى تفكر [الإنسان]، في نفسه واختلاف أحواله عَلِمَ أن له مدبرًا دبره، وإذا رأى التكليف علم أن ثَمَّ دارًا للجزاء.

  وتدل على صحة الحجاج في الدين.

  وتدل على صحة الإعادة لوجوه:

  منها: ابتداء خلق الجواهر؛ لأنه لا يقدر عليها إلا القادر لذاته، فإذا جاز البقاء عليها جاز إعادتها.