قوله تعالى: {والصافات صفا 1 فالزاجرات زجرا 2 فالتاليات ذكرا 3 إن إلهكم لواحد 4 رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق 5 إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب 6 وحفظا من كل شيطان مارد 7 لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب 8 دحورا ولهم عذاب واصب 9 إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب 10}
  قلنا: منعهم من الفساد باستراق السمع لكيلا يقفوا على ما يخبر به الملائكة بينهم من الغيوب التي أعلمهم الله تعالى، ولئلا يلقونه إلى الجن والكهان.
  «لاَ يَسَّمَّعُونَ» أي: لكي لا يسمعون «إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى» أي: إلى كلام الملأ الأعلى، قيل: الملا: جماعة من الأشراف، وهي هاهنا الملائكة والجماعة المعظمون، وقيل: الملأ الأعلى: الكتيبة من الملائكة في السماء.
  ومتى قيل: لِمَ قيل لهم: الأعلى، والأرض كُروية والفلك كذلك، وعلى أكناف الأرض إنس؟
  قلنا: الأعلى يحتمل الحال والمكان، فإن حملناه على المكان فالفلك محيط بالأرض، والسماء فوق الفلك، وهو مقر الملائكة.
  «وَيُقْذَفُونَ» أي: يرمون «مِنْ كُلِّ جَانِبٍ» أي: من جوانبهم الستة؛ ليكون خوفهم وتحرزهم أشد، وقيل: من جوانب السماء، عن أبي علي. «دُحُورًا» أي: دفعًا وطردًا تبعدهم عن مجالس الملائكة «وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ» قيل: دائم، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وابن زيد. وقيل: موجع، عن الكلبي. وقيل: شديد. «إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ» أي: وثب وثبة وطار طيرة ليسترق السمع فيستمع الكلمة «فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ» قيل: مضيء، وقيل: نافذ في كل جهة حتى يصير إلى حيث شاء، عن أبي علي. وقيل: الشهاب: القطعة من النار، والثاقب: الواقد المتأجج، عن أبي مسلم.
  · الأحكام: تدل الآيات أن الملائكة مكلفون، فمدحوا بالتلاوة والزجر وغيرها.
  وتدل على التوحيد، وأنه واحد في القدم، لا قديم معه ولا إله.
  وتدل على أن السماء مزينة بالكواكب مع ما فيه من عجيب الصنعة، فتدل على مدبر عالم.
  وتدل على أن الكواكب في السماء، خلاف ما يقوله أهل النجوم.