قوله تعالى: {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب 21 إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط 22 إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب 23 قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب 24 فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب 25}
  · الإعراب: قال: {خَصْمَانِ}، ثم قال: {تَسَوَّرُوا} لما بينا أن الخصم يقال على الجمع، وقيل: لأنه بني على تقدير فرقتين، وكل فريق جمع، وقيل: الاثنان جماعة، وقيل:
  يجوز أن يكون معهما غيرهما، وتكلَّم اثنان.
  و (إذ) في قوله: {إِذْ دَخَلُوا} قيل: معناه (لما)، تقديره: تسوروا لَمَّا دخلوا، وقيل: فيه تقديم وتأخير أي: لما دخلوا تسوروا، كقولهم: أعطيتك إذا سألتني، والسؤال قبل العطاء، وقيل: تسوروا ودخلوا بمعنى، وإنما حسن لاختلاف اللفظين.
  و (ما) في قوله: {وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} صلة، وقيل: بمعنى (الذي).
  والواحدة في قوله: {نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ} تأكيد.
  · المعنى: لما بَيَّنَ أنه تعالى آتى داود فصل الخطاب عقبه بذكر الخصمين اللذين اختصما إليه، فقال سبحانه: «وَهَلْ أَتَاكَ» يا محمد «نَبَأُ الْخَصْمِ» أي: خبرهم «إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ» أي: أتوا داود من سور محرابه، قيل: هو مصلاه، وقيل: كان حائطًا يصير إليه، عن أبي علي. وقيل: دخلوا من غير إذْن، وقيل: كانا ملَكَين، وإلا فلو كانا بشرًا لم يتجاسرا على ذلك، ولذلك قالا له: «لا تخف»، والرعية لا تقول للملك: لا تخف، وكذلك قوله: «وَلاَ تُشْطِطْ وَاهْدِنَا»، وأكثر المفسرين على أنهما ملكان على صورة الإنس، بعثهما الله إلى داود امتحانًا لما سلف منه، وهو قول أبي علي.