التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون 185}

صفحة 766 - الجزء 1

  ويقال: و «لتكملوا» على ماذا عطف؟

  قلنا: فيه وجهان: قيل: عطف على جملة؛ لأن بعده محذوفًا، كأنه قيل: ولتكملوا العدة شرع ذلك، عن الفراء، وقيل: على تأويل محذوف دل عليه ما تقدم أن يسهل عليكم ولتكملوا العدة، عن الزجاج.

  ويقال: ما موضع «هدى» من الإعراب؟

  قلنا: نصب على الحال، كأنه قيل: أنزل فيه القرآن هاديًا.

  ويقال: كيف عطف الظرف على الاسم في قوله: «وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سفَرٍ» قلنا: لأنه بمعنى الاسم، كأنه قيل: أو مسافرًا، ومثله: {دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا} معنى مضطجعًا أو قائمًا.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى وقت الصوم ووجوبه والرخصة فيه، فقال تعالى: «شَهْرُ رَمَضانَ» عرف الشهر، وبيّن أنه خصه بالصوم لاختصاصه بالفضائل المذكورة، وهو أنه أنزل فيه القرآن، وعليه مدار الدين، واختلفوا، فقيل: أنزل القرآن كله في ليلة القدر إلى السماء الدنيا، ثم أنزل على النبي ÷ متفرقًا بعده، عن ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن وجماعة، وقيل: ابتدأ إنزاله ليلة القدر من شهر رمضان، عن أبي إسحاق، وقيل: كان ينزل إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ما يحتاج إليه في تلك السنة، والأقرب الأول لما يعلمه اللَّه تعالى من المصلحة. ثم وصف القرآن فقال: «هُدًى لِلنَّاسِ» يعني دلالة لهم فيما كلفوه من العلوم، «وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى» فبيّن أنه مع كونه