التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ووهبنا لداوود سليمان نعم العبد إنه أواب 30 إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد 31 فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب 32 ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق 33}

صفحة 5997 - الجزء 8

  «فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي» يعني: أحببت حُبًّا للخيل أو لحب الخيل، كقوله: {حَذَرَ الْمَوْتِ}⁣[البقرة: ١٩] أي: لحذر الموت، وقيل: أحببت خيرًا ينال بهذا الخيل، عن أبي علي. وقيل: الخير: الخيل، أي: أحببت حب الخيل، عن قتادة، والسدي. وقيل: أراد بالخير المال، وهو الخيل التي عرضت عليه «عَنْ ذِكْر رَبِّي» قيل: شغلتني عن ذكر ربي، أي: عن صلاة العصر، عن أمير المؤمنين، وقتادة، والسدي. وقيل: (عن) بمعنى (على) أني آثرت الخيل على ذكر ربي، وقيل: لذكر ربي حتى أجاهد عليه. قال الحسن: ما زال تعرض عليه حتى فاتته صلاة العصر. وقال أبو علي: كانت صلاة العصر لم تكن مفروضة اشتغل عنها بالخيل والنظر إليها. قال القاضي: ويحتمل أن تكون صلاة العصر لم تكن مفروضة في شريعته. وقال بعضهم: كانت صلاة منذورة، وقيل: معنى الكلام: إني أحببت الخيل عن كتاب الله التوراة أو غيرها فإِنَّ ذِكْرَ الله: كتابُهُ، وكما أن ارتباط الخيل في كتابنا ممدوح كذلك كان في كتابهم، عن أبي مسلم. «حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ» قيل: توارت الشمس بالحجاب، يعني: غربت، عن ابن مسعود، وجماعة من المفسرين الحسن وغيره، وهو قول أبي علي. ويكون كناية عن غير مذكور، وذلك جائز في كلام العرب، قال تعالى: {مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ}⁣[فاطر: ٤٥] قال الشاعر:

  حَتَّى إذا أَلْقَتْ يَدًا في كَافِرٍ

  يعني: الشمس، وقيل: توارت الخيل بالحجاب بأن غابت عن بصره، فإنه أمر بأن تخرج الخيل فأخرجت حتى غاب بصره، عن أبي مسلم. «رُدُّوهَا عَلَيَّ» الهاء كناية عن الخيل، أمر برد الخيل عليه، عن أكثر المفسرين. وقيل: كناية عن الشمس، يعني: سأل الله تعالى أن يردها عليه فردت عليه حتى صلى العصر، عن علي #.