التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ووهبنا لداوود سليمان نعم العبد إنه أواب 30 إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد 31 فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب 32 ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق 33}

صفحة 5998 - الجزء 8

  «فَطَفِقَ مَسْحًا» أي: أخذ يمسح، وما زال يمسح «بِالسُّوقِ وَالأَعناقِ» قيل: أخذ يقطع سوقها وأعناقها بالسيف، وقيل: لا تشغلني عن عبادة ربي مرة أخرى، عن الحسن. وقيل: جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها حبًا لها، عن ابن عباس، والزهري، وابن كيسان. وقيل: أخذ يمسح؛ ليعلم حالها كما يفعل أرباب الخيل، عن أبي مسلم. وقيل: مسح أعناقها وسوقها وجعلها مسبلة في سبيل الله، وسئل ثعلب عن هذه، وقيل له: إن قطرب يقول: يمسحها ويبارك عليها، فأنكر أبو العباس قوله وقال: القول ما قال الفراء: يضرب أعناقها وسوقها، وقيل: المسح لا يفيد القطع وضرب العنق ولا قطع العراقيب؛ إلا أن أكثر المفسرين عليه.

  ومتى قيل: لِمَ قطع السوق والأعناق؟

  قلنا: يحتمل أنه يضرب، ويكون لقربانٍ في ذلك الزمان على ذلك الوجه، كما روي أن القربان كالأ تأكله النار، ثم يكون للخيل عوض ذلك كما يكون على الذبح ليخرج من حد الظلم.

  ومتى قيل: أليس ذلك يكون إسرافًا؟

  قلنا: إذا كان متعبدًا به فلا يكون إسرافًا، وقد ذبح النبي ÷ سبعين بدنة عام الحديبية، وقد قال الحسن: لما عقر الخيل أبدله الله مكانها خيرًا منها: الريح غدوها شهر ورواحها شهر، وقال ابن عباس: سألت عليًّا (كرّم الله وجهه) عن هذه الآية فقال: ما بلغك فيها يا ابن عباس؟ قلت: سمعت كعبًا يقول: اشتغل سليمان يومًا بعرض الأفراس حتى فاتته الصلاة، فقال: ردوها عليّ - يعني الأفراس وكانت أربع عشرة، فأمر بضرب سوقها وأعناقها بالسيف فقتلها، فسلبه الله تعالى ملكه أربعة عشر يومًا؛ لأنه ظلم الخيل بقتلها، فقال علي (كرّم الله وجهه): كذب كعب، لكن اشتغل سليمان بعرض الأفراس ذات يوم؛ لأنه أراد بها الغزو حتى توارت الشمس بالحجاب، فقال بأمر الله للملائكة الموكلين بالشمس: ردوها عليّ، فردت، فصلى