التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب 34 قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب 35 فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب 36 والشياطين كل بناء وغواص 37 وآخرين مقرنين في الأصفاد 38 هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب 39 وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب 40}

صفحة 5999 - الجزء 8

  العصر في وقتها، وإن أنبياء الله لا يَظْلِمُونَ ولا يأمرون بالظلم؛ لأنهم معصومون مطهرون.

  · الأحكام: الآية تدل على مدح سليمان، وأنه فعل فعلاً استحق به. المدح؛ لذلك قال: {نِعْمَ الْعَبْدُ}، ثم وصفه بما ذكر، وهذا ضد ما تقوله الحشوية أنه اشتغل بالخيل حتى فاتته صلاة العصر، وهي فرض، ثم أمر بقتل الأفراس من غير ذنب، ولولا أن أكثر المفسرين وأصحاب النقل وأكثر العلماء على أنه ضرب أعناقها وسوقها لكان الأليق بالظاهر ما يقوله أبو مسلم: أنه عُرِضَ عليه الخيل، فما زال تعرض حتى غابت عن عينه، ثم قال: ردوها، فمسح سوقها وأعناقها كما هو العادة من أرباب الخيل، ولقوله: إنما أحب ذلك لا لزينة الدنيا؛ ولكن الله تعالى أمر به في كتابه، فإن حملناه على هذا فلا كلام، وإن حملناه على القطع فقد بَيَّنَّا ما قيل فيه، إلا أنه لا بد أن يكون ما فاته نفلاً اشتغل به على ما يقوله أبو علي، وليس في الظاهر أنه كان فرضًا، ولا يجوز على الأنبياء ترك صلاة فرض في وقته؛ لأنه يؤدي إلى الفسق، والتنفير إذ كان ناسيًا.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ ٣٤ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ٣٥ فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ ٣٦ وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ ٣٧ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ ٣٨ هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ٣٩ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ٤٠}

  · اللغة: الفتنة: الاختبار والامتحان.

  والكرسي: السرير.