التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب 34 قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب 35 فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب 36 والشياطين كل بناء وغواص 37 وآخرين مقرنين في الأصفاد 38 هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب 39 وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب 40}

صفحة 6001 - الجزء 8

  فقيل: أمره الله تعالى ألا يتزوج من غير بني إسرائيل، فتزوج من غيرهم، فابتلي بحديث الخاتم.

  وقيل: بل وطئ امرأة في حال الحيض فسالَ منها الدم، فوضع خاتمه ودخل الحمام، فجاء الشيطان وأخذه.

  وقيل: وطئ في ليلة عدة من جواريه حرصًا على كثرة الولد.

  وقيل: إنه تزوج امرأة مشركة، فأراد أن تسلم فقالت: إن أكرهتني على الإسلام قتلت نفسي، فتركها، فعبدت الصنم في دارها أربعين يومًا، فابتلي بحديث الشيطان والخاتم.

  وقيل: تزوج بابنة ملك وأحبها حبًّا شديدًا، وكانت تبكي شوقًا إلى أبيها، فأمر سليمان الشياطين حتى مثلوا لها صورة أبيها، فكانت تسجد لتلك الصورة، وتأمر من معها بالسجود، فبلغ ذلك آصف وزير سليمان، فأخبر سليمان، فابتلي بالخاتم والشيطان.

  وقيل: احتجب ثلاثة أيام لم ينظر في أمر الناس، فابتلي بذلك.

  فهذا ما ذكروا من سبب الابتلاء.

  ثم رووا فيما ابتلي به: أن الشياطين أخذوا خاتمه، وأن ملكه كان في خاتمه، ثم قعد [الشيطان]، على سريره وطاف على نسائه، وأنه حضره الجن والإنس والطير، وهرب سليمان فلم يعرفه أحد حتى أتى ساحل البحر، وأنكر الناس حديث الشيطان، وتكلموا فيه، وتكلم آصف لنسائه، فذكرن ما أنكرن من ذلك، وعلم الشيطان ذلك، فطار وألقى الخاتم في البحر، وكان سليمان مع الصيادين يأخذ كل يوم سمكتين، فلما كان ذلك اليوم وجد خاتمه في بطن إحداهما، فتختم به وعاد ملكه، واعتكف عليه الطيور، في قصة طويلة ذكروها واختلاف روايات تقل الفائدة في ذكرها.