قوله تعالى: {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب 34 قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب 35 فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب 36 والشياطين كل بناء وغواص 37 وآخرين مقرنين في الأصفاد 38 هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب 39 وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب 40}
  وقيل: بل ولد له ولدٌ ميت، جسد بلا روح، فألقي على سريره، عن أبي علي.
  وقيل: بل امتحنه الله بمرض شديد، فصار جسدًا لا حراك به، مشرفًا على الموت كما يقال: لَحْمٌ على وَضَمٍ، عبارة عن شدة الضعف، وتقديره: ألقينا على كرسيه جسدًا، فحذف الهاء للاختصار، عن أبي مسلم.
  «ثُمَّ أَنابَ» رجع إلى الله ورضاه، وقيل: لما رجع إلى حال الصحة جدد الاستغفار كما هو عادة الصالحين. «قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي» قيل: لا يطلبه أحد فيناله معجزة يختص به كما اختص موسى بالعصا واليد، وصالح بالناقة، ومحمد بالمعراج والقرآن. وقيل: لا ينبغي لأحد من قومي؛ إذ لو جاز لغيره لأدى إلى التنفير عنه، ولم يرد إلا أن يكون لغيره من الأنبياء. وقيل: أراد ملكًا ثابتًا لا يزول. وقيل: «لا يَنبَغي»؛ أي: لا يكون لأحد من بعدي، عن أبي عبيدة، وابن كيسان. وقيل: أراد تسخير الريح والطير، يدل عليه ما بعده، عن مقاتل. فأجاب الله دعاءه وأعطاه، فقال سبحانه: «فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً» سريعة طيبة، عن قتادة. وقيل: لينة، عن ابن زيد. وقيل: مطيعة، عن ابن عباس، والحسن، والضحاك، والسدي. أي: تطيع له كيف أراد، وقيل: كان يغدو من إيليا ويقيل بقزوين ويبيت بكابل «حَيثُ أَصَابَ» قيل: أراد، عن ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، والسدي.
  ومتى قيل: كيف تطيع الريح وهي جماد؟
  قلنا: هذا على طريق التمثيل، يعني: أنه تعالى يخلق فيها الحركة على حسب إرادته، ويجريها على حسب مشيئته.