قوله تعالى: {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار 45 إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار 46 وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار 47 واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار 48 هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآب 49 جنات عدن مفتحة لهم الأبواب 50 متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب 51 وعندهم قاصرات الطرف أتراب 52 هذا ما توعدون ليوم الحساب 53 إن هذا لرزقنا ما له من نفاد 54}
  «وَإنَّهُمْ» يعني: من تقدم ذكرهم من الأنبياء «عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ» من المختارين للنبوة «الأخيَارِ» في الدنيا بالمنزلة الرفيعة وفي الآخرة بالدرجة العظيمة «وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ» قيل: اسم، وقيل: نعت وصفة لا اسم، لذلك دخل عليه الألف واللام، أي: يسع الحكمة والعلم ومعرفة الله تعالى، عن أبي علي. وقيل: هو اسم وأدخل عليه الألف واللام، وقيل: هو ابن عم إلياس «وَذَا الْكِفْلِ» قيل: ذا الضِّعْفِ من الثواب، قال تعالى: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ}[الحديد: ٢٨] واختلفوا، فقيل: هو زكريا تكفل بمريم وضمها إلى نفسه، وقيل: كان نبيًا، قال له ملك من الملوك: تضمن لي الجنة إذا أسلمت؟ فضمن، فوفى الله ضمانته. وقيل: كان مؤمنًا تكفل بأمر أنبياء خلصهم من القتل، وذلك أن ملكًا في بني إسرائيل أخذ جماعة من الأنبياء، قيل: أربعمائة، فقتل مائة، فتكفل ذو الكفل بالباقي وخلصهم، وقيل: بل هربوا من الملك فضمهم إلى نفسه حتى سلموا. وقيل: تكفل بأعمال صالحة فوفّى بها. وقيل: هو حِزْقِيلُ. «وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ» جمع خَيِّرٍ، يقال: رجل خَيِّرٌ، وامرأة خَيِّرَةٌ «هَذَا ذِكْرٌ» قيل: الذي ذكر في هذه السورة من ذكر الأنبياء بيان للخلق بما عنده لِمَنْ أطاعه، وقيل: هذا القرآن ذكر وشرف لمن أتاه الله، وقيل: هذا مدح لهَؤُلَاءِ الأنبياء فاذكر قصصهم لأمتك؛ ليقتدوا بهم، عن أبي علي. وقيل: هذا القرآن يذكر فيه معالم دينهم «وِإنَّ لِلْمُتَّقِينَ» قيل: لمن اتقى المعاصي، وهم المؤمنون. «لَحُسْنَ مِآبٍ» المرجع الحسن، وهو الجنة، فلا مآبَ أحسنُ منها.
  ثم فسر المآب فقال سبحانه «جَنَّاتِ عَدْنٍ» أي: إقامة لا ظعن عنها «مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأَبْوَابُ» قيل: تفتح بغير كلفة، وقيل: مفتحة على أصدقائهم يتزاورون لا تغلق لِشُحٍّ أو خوف، وقيل: مفتحة أبوابها لتسافر العيون فيها، عن أبي مسلم. وقال