قوله تعالى: {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار 62 أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار 63 إن ذلك لحق تخاصم أهل النار 64 قل إنما أنا منذر وما من إله إلا الله الواحد القهار 65 رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار 66}
  · النزول: قيل: نزلت الآية في أبي جهل والوليد بن المغيرة وذويهما يقولون: ما لنا لا نرى عمارًا وخبّابًا وصهيبًا وبلالاً؟ عن مجاهد.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى مخاصمة أهل النار، فقال سبحانه: «وَقَالُوا» يعني: الكفار، وقيل: هم صناديد قريش «مَا لَنَا لاَ نَرَى رجالاً كنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأَشْرَارِ» مثل: بلال وصهيب وضعفاء المسلمين «أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ» فلا نراهم، اختلفوا في معناه حسب اختلافهم في القراءة على قولين:
  أولهما: أنه إخبار، ومعناه: كنا نتخذهم سخريًا، وزاغت أبصارنا عنهم، فلا نراهم، والأول أوجه.
  وثانيهما: أنه استفهام.
  ثم اختلفوا، فقيل: معناه: أتخذناهم سخريًّا وليسوا كذلك فلم يدخلوا النار أم زاغت أبصارنا عنهم وهم في النار؟! قال أبو مسلم: معناه: لم يدخلوا النار أم هم فيها ونحن لا نراهم؟!.
  ومتى قيل: هل يجوز أنْ يقال: إنهم علموا أنهم استحقوا الثواب لإيمانهم وعدولهم عن الكفر، ولأنهم كانوا أعداءهم، فلا بد من انتصاف منهم. [الجواب] إذا علموا ذلك علموا حالهم، وقال بعضهم: يجوز ألا يعلموا ذلك بألا يعلموا بماذا ختموا أعمارهم، وكيف يعلمون مع جواز التغيير. وقيل: علموا أنهم في الجنة. قالوا: معنى الآية: {أَمْ} بمعنى: بل: «زَاغَتْ» [أي]: مالت أبصارنا عنهم، ولا شك أنهم في الجنة، وقيل: بل هو خطاب الأتباع للقادة والسابقين: أين من كنتم تقولون: إنهم أشرار، وكلنا نحن نسخر منهم بقولكم؟ أَحُبِسُوا في موضع آخر من النار