قوله تعالى: {قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون 46 ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون 47 وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون 48 فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون 49 قد قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون 50 فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين 51}
  هذه الآية قال: ويل لأهل الرياء، ويل لأهل الرياء. وقيل: ظهر لهم من سيئات أعمالهم ما قد نَسَوْهُ، وقد عَدَّ الله تعالى عليهم الصغير والكبير، وقيل: ظهر لهم من أمر البعث والجزاء ما لم يظنوه «وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ» قيل: حل بهم، وقيل: حق الوعيد عليهم «مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ» فسمي جزاء الاستهزاء استهزاء؛ لأنهم كانوا يستهزئون إذا ذكر عندهم البعث والنشور ليجازَى عليها يوم القيامة «فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ» أعطيناه «نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ» قيل: علم برضاه عني؛ فلذلك أعطاني ما أولاني من النعم، وقيل: على عِلْمٍ مِن اللَّه بأني له أهل، وقيل: على خبر عندي، عن قتادة. وقيل: على علم لي من الجَلَدِ والحِيَلِ ووجوه المكاسب، عن الحسن، وأبي علي. فأشار إلى جهلهم بدفع المنافع والمضار وممن هي. «بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ» قيل: النعمة فتنة؛ أي: امتحان من حيث توجب الشكر وحقوق الله تعالى، وقيل: النعم فتنة؛ أي: عذاب لهم إذا أضافوها إلى أنفسهم، وقيل: العلوم فتنة، مَنْ عَمِلَ بها كانت مثوبة، ومن لم يعمل بها كانت حجة عليه، وقيل: هذه الكلمة التي قالها فتنة «وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» قيل: لا يعلمون مواضع النعمة وما يجب فيها من الشكر، وقيل: لا يعلمون عواقب أمرهم «قَدْ قَالهَا» يعني: هذه الكلمة «الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ» قيل: من الكفار، وقيل: أراد قارون في قوله: {أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}[القصص: ٨٧] «فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ» يعني: لم يغن عنهم اكتسابهم شيئًا من العذاب «فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا» قيل: جزاء سيئات [أعمالهم وقد يسمى جزاء السيئة] سيئة، فتقديره: فأصابهم عقاب ما كسبوا «وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ» الَّذِينَ كانوا في عصر النبي ÷ {وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ} يعني: لا يعجزون الله بالخروج عن قدرته، وقيل: لا يفوتون اللَّه.