التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون 52 قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم 53 وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون 54 واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون 55}

صفحة 6079 - الجزء 8

  · الأحكام: تدل الآيات على أن الواجب بعد الإنابة، وظهور الدليل المحاكمة إلى الله تعالى.

  وتدل أن الواجب في الطاعة فِعْلُها لتعظيم المعبود؛ لذلك بدا لهم ما فعلوا ظنًّا أنها طاعة فكانت سيئة.

  وتدل أن جميع النعم منه وإن كان سببه من جهة العبد لجريان العادة، فلا معنى لقول من يقول: فما معنى الكسب؟

  وتدل على أن النعم ابتلاء من الله بما يجب فيه من الشكر والحقوق.

  وتدل على أن كل أحد يجازى بفعله.

  وتدل على بطلان قول من يقول: إن المعارف ضرورة.

  وتدل أن السقم والصحة منه تعالى خلاف ما يقوله المنجمون والأطباء.

قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ٥٢ قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ٥٣ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ٥٤ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ٥٥}

  · القراءة: قرأ أبو عمرو والكسائي ويعقوب: «تَقْنِطُوا» بكسر النون، وقرأ الباقون بفتحها وهما لغتان، وعن أشهب العقيلي بضمها، يقال: قَنَطَ يَقْنِطُ، نحو: ضرب يضرب، وقَنِطَ يَقْنَطُ نحو: حَمِدَ يَحْمَد.

  وقرأ أبو جعفر ونافع وابن كثير وابن عامر وعاصم: «يَاعِبَادِيَ» بفتح الياء، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وعاصم في بعض الروايات ويعقوب بغير فتح، وكلهم