قوله تعالى: {قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل 11 ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير 12 هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر إلا من ينيب 13 فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون 14 رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق 15 يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار 16}
  «لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ» قيل: لما قَرَّرَهم أقر المؤمن والكافر بأنه لله الواحد القهار، وقيل: بل أجاب هو نفسه والخلق سكوت، لا يؤذن لهم في الكلام، عن الحسن. وقيل: معناه: الملك يومئذ لله، فورد على وجه السؤال والجواب للتأكيد وزيادة البيان، عن أبي مسلم. والقادر على ما يشاء قهرهم بالموت والبعث، وقيل:
  المؤمن يلتذ بالاعتراف به، والكافر يقول على وجه التحسر والصغر، عن أبي علي.
  · الأحكام: يدل قوله: {رَبَّنَا أَمَتَّنَا} على صحة ما نقوله في عذاب القبر، وإطلاق اسم الموت على النطفة مجاز، فَحَمْلُ الكلام على حقيقته أولى.
  ومتى قيل: فالإحياء يجب أن يكون ثلاثًا؟
  قلنا: إثبات حياتين لا يمنع إثبات ثالثة.
  ومتى قيل: فمتى يكون عذاب القبر؟
  قلنا: اختلفوا فيه، فمنهم من قال: أول ما يدفن، وقيل: ما بين النفختين، وأما مشايخنا فيقولون: نقطع بكونه، وأما وقته فلا نقطع، فيجوز أن يتقدم ويتأخر.
  ومتى قيل: كيف يصح، ولو نبش القبر رُئِيَ الميت بحاله؟!
  قلنا: يجوز أن يعيده إلى تلك الحالة، ويجوز أن يعذب مَنْ عَلِمَ أن قبره ينبش بعد النبش.
  ومتى قيل: هلا قلتم: إن الميت يعذب أو الروح؟
  قلنا: أما الميت فيستحيل أن يتألم، وأما الروح فهو النفس، وليس هو المكلف.
  ومتى قيل: فما الفائدة فيه؟
  قلنا: الله أعلم بوجه المصلحة، ويجوز أن يكون لطفًا للملائكة، والخبر عنه لطفًا لنا، فأما الميت فيستحيل أن يكون لطفًا له لانقطاع التكليف.