قوله تعالى: {وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب 28 ياقوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد 29 وقال الذي آمن ياقوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب 30 مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد 31 وياقوم إني أخاف عليكم يوم التناد 32 يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد 33}
  نفسه، فقام بالأمر بالمعروف. واختلفوا في نسبه، فقيل: كان من قوم فرعون قبطيًا، عن الحسن. وقيل: ابن عم فرعون، عن السدي، ومقاتل. وقيل: كان آمن بموسى، وكتم إيمانه خوفًا من فرعون، وهو الذي جاء من أقصى المدينة يسعى، وقيل: بل كان إسرائيليًا، وتقديره: وقال رجل مؤمن يكتم آل فرعون إيمانه، قال أبو مسلم: هذا خطأ، لا يقال: كتمت حديثي من فلان، وإنما يقال: كتمت فلانًا، ولا يقال: من آل فرعون مَنْ كان على دينه؛ لأن حقيقة (آل) يقع على ذي القرابة، كقوله: {آلَ لُوطٍ}[الحجر: ٥٩]، [والأحزاب]: المتحزبون المتوافقون في الدين، كقولهم: آل فرعون ثم يحتاج هذا التأويل إلى تقديم وتأخير.
  واختلفوا في اسمه، فأكثر أهل العلم على أنه حِزْقِيل، عن ابن عباس وغيره. وقيل: خِوْبِيل، عن وهب. وقيل: حيول، عن ابن إسحاق. وقيل: حبيب. والأول أصح. «أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ» أي: لأجل أنه يقول في ذلك ويوحّد الله تقتلونه؟ وهذا استفهام والمراد الإنكار، يعني: من قال هذا لا يستحق القتل لا سيما «وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ» أي: بالدلالة والمعجزات الدالة على صدقه فلا تقتلوه، «وِإنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيهِ كَذِبُهُ» لا يضركم ذلك «وَإنْ يَكُ صَادِقًا» فيما يوعدكم به «يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ» من العذاب، قيل: ذكر البعض وأراد الكل على طريق المظاهرات في الحجاج، قال الشاعر:
  قَدْ يُدَرِكُ الْمُتَأَنِّيْ بَعْضَ حَاجَتِهِ ... وَقَدْ يَكُوْنُ مَعَ الْمُسْتَعْجِلِ الزَّلَلُ