قوله تعالى: {وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب 28 ياقوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد 29 وقال الذي آمن ياقوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب 30 مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد 31 وياقوم إني أخاف عليكم يوم التناد 32 يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد 33}
  عذاب الآخرة. واليوم يطلق على النعمة والمحنة، كأنه قيل: يوم إهلاكهم «مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ» قيل: مثل عادتهم، وقيل: مثل عادة الله فيهم «وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ» ممن أهلكوا بالعذاب «وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ» قيل: معناه: لو قتلتموه ظلمًا ظلمتموه، والله لا يريد الظلم؛ بل يريد العدل والنَّصَفَةَ، وقيل: لا يريد أن يظلمهم، وإنما أهلكوا بذنوبهم.
  «وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ» يعني: التنادي، وهو أن ينادي بعضهم بعضًا، وقيل: يوم ينادي بعض الظالمين بعضًا بالويل والثبور، فيقول: يا ويلنا ونحوه، وقيل: يوم ينادي أَصْحابُ الجنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ {أَنْ قَدْ وَجَدْنَا}[الأعراف: ٤٤] الآية، وينادي أصحاب النار أصحاب الجنة {أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ}، عن الحسن، وقتادة، وابن زيد. وقيل: {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ}[الإسراء: ٧١] وقيل: ينادي الملائكة بعقاب العصاة أن خذوهم، وهم يتولون مدبرين، وقيل: ينادي المؤمن: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ}[الحاقة: ١٩] والكافر {يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ}[الحاقة: ٢٥]، وقيل: نادَى باللعنة على الظالمين، وقيل: ينادون إلى المحشر، أي: يدعون، عن أبي مسلم. وقيل: ينادى عليهم بالسعادة والشقاوة. وقيل: الجميع مراد. «يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ» أي: تنصرفون عن موقف الحساب، وقيل: منصرفين إلى النار، عن الحسن، وقتادة. وقيل: فارين غير معجزين، عن مجاهد. «مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ» حافظ يحفظكم من عذاب الله «وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ» قيل: من يهلكه فلا هادي له إلى طريق نجاته.
  · الأحكام: تدل الآيات على جواز كتمان الإيمان عند الخوف.